فضيلة المعيني
في كل إمارة ومدينة تختلف الأحياء السكنية والمناطق الصناعية و التجارية وغيرها في مستويات وقوع الجريمة فيها، كما هو حال الطرقات فهذه تشهد زحاما كبيرا في أوقات معينة وأخرى مزدحمة طوال ساعات النهار.
وتلك هادئة فتشهد سباقات المتهورين وغيرها تزداد فيها الحوادث، وعلى ضوء هذه المعطيات تضع الجهات المعنية خططها، و تكثف حملاتها و برامجها العلاجية للتخفيف من وطأة المشكلة. مثل الطرقات هو حال الأحياء السكنية، فهذه تزداد فيها معدلات جريمة السرقة نهارا، و تلك السطو ليلا، وهذه تقع فيها جرائم على الأنفس و رابعة تشهد بشكل مستمر شجارا بين المراهقين تتصعد فتصل إلى العراك بأنواع السلاح الأبيض المنتشر في الأسواق و يباع بكل سهولة و ربما أفضت إلى وفيات ، و ملفات الشرطة في مختلف الإمارات تعج بها.
بالطبع من الصعب مطالبة رجال الشرطة بوقف هذا النزف في الأرواح وسلامة الأبدان والأموال، فمن غير المنطق أن تراقب الشرطة كل فرد في كل مكان، ومن المستحيل أيضا أن تختفي الجريمة، و لكن من الممكن التقليل من جرائم بعينها بل ربما منع وقوعها، خاصة تلك التي يرتكبها صبية صغار في حق أنفسهم .
أما كيف فبإنشاء مراكز أمن مصغرة في قلب الأحياء التي تكثر فيها هذه المشاكل، وتكون فاعلة لا ينتظر من فيها وقوع الجريمة للقبض على مرتكبيها وتقديمهم للعدالة ، بل تبادر إلى بسط النظام في الحي السكني واضعة يدها في يدي جهات مجتمعية أخرى تكثف حضورها فيه وتكون على تماس معهم فيعود الهدوء إلى هذه الأحياء التي أصبح بعضها بمثابة أماكن خصبة لارتكاب الجريمة و أزقتها مسارح للتخطيط للإضرار بالأمن العام وأمن السكان .
و إن صعب إنشاء مراكز أمن ثابتة، فليس أقل من وجود دائم لسيارات الشرطة المجتمعية لا لإرهاب الساكنين بل لكشف الجريمة قبل وقوعها، وبسط الأمن في أحياء لا يأبه من فيها بشيء و يعبث بكل شيء ، حتى يستيقظ المجتمع على أنواع الجريمة ارتكبها عصابات من المراهقين والشباب .
بالطبع ليست كل الأحياء كذلك ، فهناك فرجان يعمها الأمن و السلام ، يحرص كل من فيها على أن يكون الأمان عنوانها و يسعى كل بيت لأن يلتزم أفرادها بالنظام ولا يتسبب في إلحاق أدنى الضرر بالآخرين.
و لعلها مناسبة لأن نطالب بتفعيل أدوار مؤسسات المجتمع المدني كي تكون أكثر قربا من الأسر وتعمل بدورها على تفعيل أدوار من يقطنون الحي في تحقيق الأمان ، على الأقل في أحياء الأسر المواطنة إن كان صعبا تحقيق ذلك في كل الأماكن