نصوم، نحرم أنفسنا من الطعام والشراب بغية رضا الله واتباعا لفريضته، ولأن الصوم تأديب للنفس وصحة للعقل والجسد، غير أن البعض ينسى أنه يجب الصوم أيضاً عن الكلام، ومراعاة الابتعاد عن الغيبة والنميمة والتي باتت ممارسة يومية يكاد لا يخلو من تعاطيها حوار، تحاول أن تبتعد عن مصادرها غير أنك تجد نفسك منعزلاً فتمارسها من غير قصد عبر الكتابة..
بعض الناس فاجأهم رمضان، فتشعر كأنهم يخشونه، بل كأنهم يخشون الصوم، خصوصاً إن كان في عز شهور الصيف، وتناسوا أن الله لطيف رؤوف رحيم بعباده، وإلا كيف يقدر عامل بائس على الصوم وهو يعمل تحت أشعة الشمس الحارقة، فكيف يصعب علينا ونحن نحتمي بكل وسائل الراحة والرفاهية!
وعليك أن تخجل من نفسك عندما ترى حماس الأطفال لصوم رمضان، عندما تحاول إقناعهم بالإفطار مبكراً خشية عليهم من الجفاف والتعب، لكنهم يتمسكون بإكمال اليوم لأنه لم يحن الوقت بعد للإفطار..
تقود سيارتك في الشارع فتجد السائقين لا يتحملون التوقف أمام الإشارة الحمراء ولا يطيقون غيرهم من مستخدمي الطريق، يشتمون كل من يقترب من مسارهم، ويسبون كل من يعبر أمامهم، متأففين متجهمين وكأن الدنيا مظلمة في وجوههم، تحاول مراعاتهم فتبتعد عن طريقهم وحتى لا يصلك صراخهم و”فشة” خلقهم فيك..
تذهب إلى الجمعية التعاونية فترى العجب وترى كل الناس، وقد أصابتهم حمى الشراء، تراهم يتدافعون يتسابقون وهم يدفعون عربات التسوق المليئة بكل ما هو على الرفوف، وكأن البضائع ستنفد، وكأن هناك سباقاً على من يحمل أكثر، وتستغرب لم كل ذلك وتنسى نفسك فتفعل مثلما يفعل الناس..
تذهب لملاحقة بعض معاملاتك العالقة في الدوائر الحكومية فتجد بعض الموظفين شبه نائمين، متكاسلين، يتثاءبون، لأنهم طوال الليل ساهرون، تتحدث إلى أحدهم فيرد عليك بالإشارة، ثم ينصحك أحدهم بأن تعود بعد رمضان، لأن البعض يعتقد أن رمضان شهر النوم نهاراً والسهر ليلاً..
تذهب إلى المسجد لصلاة التراويح فتحمد الله على كثرة المصلين، غير أنك لا تعلق لأنك تعرف أن العدد سيبدأ في التقلص كلما مر يوم من رمضان..
تشاهد شعبية الكرتون فلا تعرف القصة لأن الإعلانات أكثر من مشاهد المسلسل، فتبحث عن قناة أخرى فتجد المسلسلات الخليجية كالعادة مليئة بالأحزان والنكد والقصص غير المنطقية، تقلب القنوات فتجد من انشغل بالمسابقات التافهة والمسلسلات الاستعراضية، توجد بضعة مسلسلات تاريخية غير أنك تغلق التلفزيون لأنك تخشى تشويه التاريخ..!
– عن الاتحاد