حذر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أمس بمناسبة إحياء بلاده الذكرى 55 لإعلان الجمهورية، من عودة الاستبداد إلى تونس بعد تحررها منه بداية 2011، ومن اندلاع ثورة جديدة إذا لم يتم تطبيق ديمقراطية حقيقية. وقال المرزوقي في خطاب ألقاه أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي “لن يرضى الشعب الذي انتخبكم بديمقراطية شكلية، وقد يضطر إلى الثورة من جديد علينا جميعا إن لم نحقق له ما يريده فعلا (خصوصا) التنمية للقضاء على الخصاصة والفقر والتهميش”.

ونظم المجلس التأسيسي المكلف بصياغة دستور جديد لتونس “جلسة ممتازة” اشرف عليها رئيس المجلس ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، إحياء لذكرى إعلان الجمهورية سنة 1957 العام الذي شهد إلغاء الملكية في تونس مجسدة في حكم البايات الأتراك. وتساءل المنصف المرزوقي قائلا “ما قيمة ديمقراطية لا تطعم جائعا ولا تكسي عاريا ولا توفر كرامة أولى شروطها العمل والمسكن والتعليم والصحة؟”.

وشدد الرئيس التونسي على أنه “إذا كان هناك هاجس يجب أن يكون حاضرا عند صياغة دستور تونس وعند مناقشته، وعند الاستفتاء عليه، إن اقتضت الحاجة وهو ما لا نتمنى، فهو حماية الأجيال المقبلة من عودة الاستبداد البغيض باستفزازه وقمعه وفساده وتزييفه وبانتهاكه لكرامة الفرد والبشر والمجموعة الوطنية”.

وحذر من أن “جذور الاستبداد عميقة فينا، هي ثقافية ونفسية.. ولحماية أنفسنا من أنفسنا ومن بعضنا البعض من هذا الظلم المتأصل في نفوسنا جميعا، لا بد أن ينجح الدستور في توزيع محكم للسلطة التنفيذية بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة حتى لا يستفرد شخص أي كان بسلطة القرار”.

وتابع “لا بد من قضاء مستقل عن السلطة التنفيذية، لا بد من محكمة دستورية لها سلطة فعلية تجعلها ذات مخالب وأنياب، وبالطبع لا بد من مجلس شعب يشرع للقوانين التي يجب أن يخضع لها الجميع، لا بد من مؤسسات عليا للإعلام والانتخابات ومحاربة الفساد تتمتع بأقصى قدر ممكن من الاستقلالية والمهنية”. وجدد المرزوقي رفضه اعتماد نظام حكم برلماني صرف في تونس مثلما تدعو إلى ذلك حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم.

وكان المرزوقي صرح في مقابلة يوم 18 يوليو 2012 مع تلفزيون “فرانس 24” بأنه “متمسك” بالنظام السياسي المزدوج الذي يضمن “توازنا بين رأسي السلطة التنفيذية” (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة) و”يحمي من عودة الاستبداد”. وفي 23 يوليو 2012 أعلن مسؤول بالمجلس التأسيسي انه “سيتم تنظيم استفتاء” شعبي حول طبيعة النظام السياسي الذي ستعتمده تونس اذا استمرت الخلافات حول هذه المسألة داخل المجلس بين حركة النهضة وبقية الأحزاب التي تطالب بنظام “مزدوج”.

وشدد المرزوقي على ضرورة “الالتزام” بتنظيم الانتخابات العامة “في وقتها في ربيع 2013 على أقصى تقدير كما وعدنا الشعب” والى “المسارعة” إثر ذلك “بتنظيم الانتخابات البلدية” (المحليات).

وفي يونيو 2012 نبهت “المجموعة الدولية للأزمات” في تقرير حول تونس إلى أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي كانت السبب الرئيسي في اندلاع “ثورة الحرية والكرامة” التي أطاحت في 14 يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، مثل ارتفاع معدلات البطالة (حوالي 19%) والفقر (25 %) واستشراء الفساد، لا تزال “دون حل ويمكن أن تؤدي إلى تأجج الأحداث من جديد”. وتشهد الساحة السياسية التونسية على وقع المرحلة الانتقالية ومناقشة فصول الدستور الجديد الذي اعلن انه سيكون جاهزا في اكتوبر 2012، تجاذبات قوية بين مختلف القوى السياسية المتدافعة من اجل الانتصار لرؤاها وتضمينها في دستور “الجمهورية الثانية”.

– الاتحاد ووكالات