اعلن الرئيس المصري محمد مرسي أن سياسته الخارجية ستقوم على “التوازن” ، وطمأن إسرائيل إلى عدم المساس بمعاهدة السلام التي أبرمتها مع مصر، كما لمح إلى اتباع نهج جديد مع إيران ودعا حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد إلى المساعدة في الضغط عليه حتى يتنحى. وقال مرسي في مقابلة مع (رويترز) “مصر الآن دولة مدنية بالمفهوم الذي أوضحناه قبل ذلك، الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة”. وأضاف مرسي “العلاقات الدولية بين كل الدول مفتوحة والأصل في العلاقات الدولية هو التوازن. ونحن لسنا ضد أحد ولكننا نحرص على تحقيق مصلحتنا في كل الاتجاهات ولسنا أبدا طرفا في نزاع وإنما نريد أن نكون دائما طرفا في عملية متكاملة واستقرار للمنطقة وللعالم”.
ويشير تأكيد مرسي على التوازن إلى أنه يتطلع إلى دور موال للولايات المتحدة بشكل أقل وضوحا في المنطقة لكنه يسعى أيضا لطمأنة الحلفاء التقليديين. وأكد على موقفه بأن مصر مستمرة في الالتزام بالمعاهدات الدولية ومن بينها اتفاقية السلام التي أبرمتها مع إسرائيل عام 1979. ودون أن يذكر إسرائيل بالاسم أشار إلى أنه ليس لديها ما تخشاه من حملة عسكرية جديدة أمر بها في شبه جزيرة سيناء بعدما هاجم مسلحون موقعا حدوديا مصريا وقتلوا 16 جنديا وحاولوا عبور الحدود ومهاجمة إسرائيل. وقال الرئيس المصري “مصر تمارس دورها الطبيعي جدا على أرضها ولا تهدد أحدا. ولا ينبغي أبدا أن يكون هناك أي نوع من أنواع القلق الدولي أوالإقليمي من وجود قوات للأمن المصري” ، مشيرا لانتقال قوات شرطة وجيش إضافية إلى المنطقة.
وأضاف أن الحملة العسكرية التي تقوم بها مصر في سيناء تتم “باحترام كامل لكل الاتفاقيات الدولية”. ولم يقل مرسي ما إذا كان سيقابل مسؤولين إسرائيليين. وفي مسعى لتعزيز دور مصر في الشؤون الإقليمية دعا مرسي إلى الحوار بين مصر والسعودية وتركيا وإيران لايجاد طريقة لوقف نزيف الدم في سوريا. ووجه مرسي أثناء المقابلة دعوة قوية على نحو خاص للأسد لترك السلطة الأمر الذي يشير إلى استعداده للعب دور قوي في الشؤون الإقليمية. وقال مرسي “آن الأوان لكي يقف هذا النزيف ولكي ينال الشعب السوري حقه كاملا ولكي يذهب من المشهد هذا النظام الذي يقتل شعبه”. وأضاف “ليس لدينا مجال أن نتحدث عن طرفين أو عن حوار بين الطرفين أو إصلاح إنما نتحدث لدعم إرادة الشعب السوري بضرورة التغيير وبضرورة رحيل هذا النظام عن الشعب السوري”.
وذكر مرسي أن مصر أعلنت من قبل عدة مرات أن “الأصدقاء للشعب السوري في الصين أو في روسيا أو في غيرها من الدول” يجب أن يدعموا الشعب السوري لكنه أكد أنه يرفض التدخل العسكري في سوريا “بكل أشكاله”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يرى تهديدا في إيران، قال مرسي “نرى أن كل دول المنطقة في حاجة إلى الاستقرار وإلى التعايش السلمي مع بعضها البعض. وهذا لا يكون بالحروب وإنما يكون بالعمل السياسي والعمل الحر والعلاقات المتميزة بين الدول في المنطقة”.
وردا على سؤال بشأن تأثير نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة على العلاقات مع مصر قال مرسي “نحن نتعامل مع الولايات المتحدة كمؤسسة (وليس كأشخاص). الولايات المتحدة مؤسسة مستقرة”.
وأثنى مرسي في المقابلة على دور القوات المسلحة في الفترة الانتقالية ووصفها بأنها “جزء من النسيج الوطني”. وقال مرسي “الآن الحركة السياحية تجاه مصر تتزايد”. وأضاف أن السياحة ستكون أفضل مما كانت عليه. وردا على سؤال حول ما إذا كان الدستور الجديد الذي تكتبه جمعية تأسيسية حاليا قبل أن يعرض على الشعب للاستفتاء سيطبق الشريعة الإسلامية قال مرسي “الدستور المصري سوف يعبر عن الشعب المصري. وما يقرره الشعب المصري في الدستور هو الذي سيطبقه رئيس مصر وتطبقه الإدارة المصرية”.
من جهة أخرى قال مرسي إنه لن يفرض ضرائب جديد أو يخفض قيمة الجنيه المصري وإن حكومته ستعتمد بدلا من ذلك على الاستثمار والسياحة والصادرات لإصلاح الاقتصاد الذي أنهكته اضطرابات سياسية دامت عاما ونصف العام.
واستبعد مرسي فرض أي ضرائب جديدة في الأجل القصير على الأقل. وقال “ليس هناك ضرائب جديدة في هذه المرحلة تفرض على الشعب المصري”. وتابع “لكن المنظومة الضريبية تحتاج إلى مراجعة لكي يصل الدعم الحكومي إلى مستحقيه لا إلى كل من يستحق أو لا يستحق،هناك خطة متدرجة لكي يتحمل دافع الضريبة المسؤولية الحقيقية ويدفع من عليه ضريبة حقيقية الضريبة المستحقة عليه”. وأضاف أن هذه ستكون “مراجعات وليست ضرائب جديدة”. وقال “أنا لا أتحدث عن تشريع مفاجئ للناس بدفع ضرائب جديدة دون دراسة وإنما نريد تخفيف العبء عن الفئة الأكثر فقرا. نريد دعم الفقراء والمحتاجين”.
وفي أول زيارة له خارج العالم العربي، عبر الرئيس المصري في بكين عن أمله في تطوير المبادلات التجارية مع الصين على أمل إنعاش الاستثمار في بلاده التي تواجه وضعا اقتصاديا مقلقا. واستقبل الرئيس الصيني هو جينتاو في قصر الشعب الكبير، مرسي. وأشارت الصحف الصينية الرسمية إلى أن مرسي اختار الصين لأول زيارة دولة له خارج العالم العربي، معتبرة انه مؤشر على رغبة القاهرة في إعادة التوازن إلى علاقاتها. وركز الرئيس هو على هذه النقطة. وقال إن “اختياركم الصين بين أوائل الدول التي تزورونها يدل على انكم تولون أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الصينية المصرية”. ورد مرسي أن “مصر والصين حضارتان عريقتان ما يشكل أساسا جيدا لمبادلاتنا”.
وبعد ذلك ترأس هو ومرسي مراسم توقيع اتفاقات تتعلق خصوصا بقطاعات الزراعة والاتصالات والسياحة والبحث العلمي. ووعدت الصين بتسليم مصر آليات للشرطة.
من جهته، قال الأستاذ في جامعة جورج ميسون في الولايات المتحدة بيتر ماندافيل أن زيارة محمد مرسي إلى الصين تدل على أن مصر “تنوي توضيح أنها ستنوع علاقاتها” الدبلوماسية. واضاف هذا الخبير انه “على الامد القصير يبدو من المؤكد أن مصر ونظرا لوضعها الاقتصادي بحاجة ماسة إلى استثمارات صينية ثابتة”.
– الاتحاد