نورة السويدي
لا يمكن ترجمة المكرمات المتتابعة من القيادة الرشيدة لأبنائها المواطنين، عبر تلمس حاجاتهم اليومية المفضية إلى الاستقرار من خلال المسكن الملائم والعمل الكريم؛ إلا أنها قيادة تعيش همّ الناس اليومي، وتتقن فن الحكم الرشيد على أسس إنسانية متينة، ومن منطلقات حضارية رصينة تجعل الإنسان غاية الحضارة وطريقها وحاديها.
قبل أيام عمّت الفرحة قلوب آلاف المواطنين بمساكن الفلاح، تلك المكرمة الأثيرة العزيزة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وقبلها وبعدها مكرمات شتى تدنو بحنو الآباء من حاجات الناس المقلقة، لتضع للمعاناة حداً وتفتح أمام الاستقرار المعيشي أبواباً مشرعة، لتتيح بعدها للعمل النهضوي الوطني أن يأخذ مجراه الحقيقي في المجتمع، من غير هموم مقلقة أو هواجس مؤرقة.
ولا يمكن لأحد أن يجادل في هذا المرتكز الإنساني المهم وتأثيره في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، لا سيما ونحن نعلم صعوبة أن ينطلق الشباب نحو مستقبلهم مقيدين بهموم المسكن والعمل، لأنهم حينها لن يجدوا الفرصة للتفكير الحضاري مهما كان مرغوباً ومطلوباً.
إلا أننا نلمس من خلال توجه حكومتنا الرشيدة مع شعبها، أنها تسعى لأبعد من الخطوة الأولى في ما تقدمه للمجتمع من مفاتيح الاستقرار، وذلك أنها تسلك بهم الطريق نحو الرفاهية الاجتماعية والحياتية على جميع الأصعدة، ما يمكن القول معه إن الحكومات المتعاقبة تحت مظلة القيادة الأبوية، إنما تجعل من الرفاهية الاجتماعية للمواطنين استراتيجية ممتدة متواصلة الأهداف والغايات، لا تكاد تقف عند حد حتى ترنو إلى ما هو أبعد منه وأعلى.
ونقول الرفاهية الاجتماعية، ولا نقف عند مصطلح الرعاية الاجتماعية الذي كان إلى عهد قريب غاية مطلوب كثير من المجتمعات، وهي تلك المتمثلة في توفير الرعاية بما يكفل الكثير من الحاجات الماسة للمجتمع، بل هي هنا كما نراها في مجتمعنا، تضع سقفاً أعلى للاهتمام بالمواطن على أرضها، بأن تنقله من مرحلة الرعاية الطارئة العلاجية عند أوقات الشدة والحاجة في غالب مفهومها، إلى مسابقة الظروف الطارئة لتجنب وقوع المواطنين فيها، وتأهيلهم للدور الاجتماعي الأكبر في النهضة والبناء والتنمية المستدامة.
ولذلك كانت المكرمات متوالية لا تنقطع، في تخصيص المساكن والبيوت للمواطنين على امتداد أرض الإمارات، رديفة للعمل الرسمي الكبير في تأمين الوظيفة والتوطين للمواطنين، والأرقام والإحصائيات معروفة تظهر الكم الهائل من العطايا المتصلة، التي تنظر لأدق حاجات المواطنين القادرة على تأمين الاستقرار الحياتي لهم.
ولعل ما يؤكد هذا التوجه الاستراتيجي للتنمية في الإنسان، هو العمل على الركيزة الأخرى المهمة في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، والمتمثلة في تعزيز مبدأ التوطين في الوظائف والدعوة إليه في جميع المناسبات والحض عليه باستمرار من القيادة، عبر معارض التوظيف التي تشرف عليها الحكومة، أو المطالبات بارتفاع نسب التوطين في المؤسسات الحكومية والخاصة.
ورصد الجوائز والمكافآت للدوائر التي تلتزم بتحقيق أعلى النسب لتوطين الوظائف فيها، لأنها تعلم أن أبناء الوطن هم الأقدر على تلمس حاجاته وآماله وأهدافه، بل تدرك أن النهضة العمرانية لا قيمة لها إذا لم يكن المستفيد الأول منها هم أبناء الوطن، الذين عاصروا نشأة الدولة ونهوضها من الأدوار الاجتماعية البسيطة إلى الحضور العالمي القوي، المنظور من جميع دول العالم على أنه معجزة حضارية بامتياز.
إن القيادة التي تفرح بتوزيع آلاف المساكن كل حين على أبنائها المواطنين بمكرمات منها، من دون مقابل سوى تأكيد حق الشعب في العيش الكريم، والقيادة التي تهتم باستمرار بتأمين الوظائف الكريمة للشباب والباحثين عن عمل، وتدفع جميع الدوائر الحكومية والخاصة لتحقيق هذا الغرض النبيل، هي بلا أدنى شك قيادة تستحق الولاء من الجميع.
تستحق الولاء لأنها تضع آمال شعبها في أعلى خططها التنموية، وتجعل من أحلامهم تحديات تعمل ليل نهار على قهرها وتذليلها، وترسم على الدوام خطوط النهج الرشيد بأقلام من العمل والإخلاص والحنو على المجتمع.
هي قيادة تعلم يقيناً أنها من الشعب وإليه، وجزء لا يتجزأ من همومه وهواجسه اليومية، فتبادر بالمكرمات قبل أن تترصد بالعقوبات، وتقيم نفسها من شعبها بمنزلة الأب الحاني القريب من الجميع، الذي يقف بين جميع أبنائه المواطنين على مسافة واحدة، لا يقدم أحداً على أحد إلا بمقدار ما يعطي للوطن والأرض والتنمية والنهضة
– عن البيان