ميساء راشد غدير
تطالعنا وسائل الإعلام المحلية في الإمارات وفي دول الجوار بأخبار عن جرائم الخادمات التي انتشرت مؤخراً، والتي كان آخرها يوم أمس، على يد بنغالية روعت أسرة مواطنة حين أشهرت سلاحاً أبيض في وجه ربة المنزل مهددة إياهم وناهبة لأموالهم ثم ولت هاربة، وسبق تلك القضية قضايا أخرى عن سرقة مجوهرات بلغت قيمتها ملايين الدراهم من قبل خادمة، وانتهاء بجرائم الخادمات التي راح ضحيتها الأطفال إما تعذيباً وإما قتلاً.
تلك القضايا ليست جديدة وليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولا يمكن أن نرجع الأسباب فيها كلها للخدم أو حتى للكفيل، فكل طرف من الأطراف يتحمل مسؤوليته في ما يقع من فصولها، لكن أكثر ما يؤرقنا في هذا النوع من القضايا هو الأضرار التي تقع على الأطفال والجرائم التي يروح الأطفال ضحايا لها بسبب وجودهم مع الخدم بمفردهم.
الأم التي لا تعمل وتترك مسؤولية تربية الأبناء للخادمة أو المربية متخلية عن مسؤوليتها، ووضعها مختلف عن أخرى اضطرت لترك الأبناء مع المربية، خاصة إن لم تجد من أفراد الأسرة من يعينها على تربيتهم أو من يبقى بمرافقة المربية، فهي بين خيارين صعبين، التفريط بالوظيفة وما تحققه من دعم معنوي ومادي لها لرعاية أطفالها والقيام بأعمال المنزل، وبالتالي خسارة كفاءات من أبناء الوطن في الوقت الذي ندعو للاعتماد عليهم، أو الخيار الآخر بالاعتماد على الخادمة والاستمرار في العمل في قلق على سلامة أبنائها، وسط كل ما تسمع من قضايا وجرائم تقع فصولها على أيدي الخدم الذين يبدو أنهم أصبحوا يأتون إلينا بأمراضهم النفسية ومشكلاتهم التي لا يمكننا معالجتها بكل صور الطيب التي تعاملهم بها غالبية الأسر.
الاستغناء عن العمالة المساعدة في المنازل أمر صعب في ظل تغير ظروف الحياة الاجتماعية، وتنامي حاجة الأسر إلى العمل وزيادة مصادر الدخل، وهو أمر ليس مقصوراً على مجتمع الإمارات فحسب، بل في مختلف المجتمعات العربية والأجنبية، وإن اختلفت طرق الاعتماد عليهم بين ساعات دائمة أو جزئية.
الاكتفاء بعرض جرائم الخدم في وسائل الإعلام والمطالبة بتطبيق العقوبات عليهم أمور لا نعتقد أنها باتت كافية ورادعة، فالأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك، بيئة تحتضن الطفل فترة غياب والدته، وما أكثر أخواتنا الباحثات عن عمل والمستعدات للقيام بهذا.
نحن في الإمارات نتمنى تقديم المزيد لحماية الأطفال من أي سوء قد يتعرضون إليه من خلال حضانات حكومية تدار بسواعد وطنية يترك فيها أبناء الموظفات في القطاع الحكومي وغير الحكومي، وتنشأ في الأحياء السكنية لننأى بالأطفال عن مظاهر العنف التي قد يتعرضون لها، أما كيف ومتى فذلك أمر نتركه لوزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها من المؤسسات الحكومية التي نأمل عليها أن تنظر في هذه المسألة وتعجل في اقتراح حلول لها.
– عن البيان