انهارت الهدنة الهشة التي دخلت حيز التنفيذ صباح امس في سوريا مع بداية عيد الأضحى في مناطق عدة، حيث سقط 93 قتيلاً هم، 48 مدنيا و26 عسكرياً نظامياً و19 معارضاً مسلحاً.
وأعلنت هيئة الثورة السورية عن مقتل 48 شخصاً بنيران قوات الأسد بريف دمشق وحمص وإدلب. وقال نشطاء إن أربعة أشخاص قتلوا بنيران الدبابات والقناصة في ضاحية حرستا على مشارف دمشق، كما أكد مقاتلون من المعارضة في بلدة شمالية قريبة من الحدود التركية أن واحداً منهم قتل برصاص قناصة في ساعة مبكرة امس. وسمع صحفي من وكالة “رويترز” صوتا يبدو كصوت أربع طلقات من طلقات الدبابات.
وتدور منذ الصباح اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة في محيط معسكر وادي الضيف في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة “فرانس برس”: “هذا أول خرق لوقف إطلاق النار” الذي بدأ صباحا بمناسبة عيد الأضحى، تجاوبا مع اقتراح من الموفد الدولي الخاص إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي.
وذكر عبد الرحمن أن قصفا مدفعياً على بلدة دير شرقي القريبة من معسكر وادي الضيف الذي يطوقه مقاتلو المعارضة منذ أسبوعين سجل بعد بدء الاشتباكات ومصدره القوات النظامية.
وبعد وقت قصير على تسجيل هذا الخرق، أفاد المرصد السوري في بيان عن تعرض حي الخالدية المحاصر في مدينة حمص لقصف من القوات النظامية أدى إلى سقوط جريحين اثنين وتضرر عدد من المنازل.
وكان هدوء هش ساد المناطق السورية المختلفة منذ الصباح، في وقت أقيمت الصلوات في المساجد بمناسبة عيد الأضحى.
وقبيل سريان الهدنة قالت سجينة من داخل سجن حمص المركزي لقناة “العربية” إن السجناء أعلنوا العصيان احتجاجا على عدم شمولهم بقرار العفو الذي أصدره في وقت سابق الرئيس بشار الأسد. وأضافت السجينة جنا أن كتيبة من قوات النظام تحاصر السجن وسط تخوفات شديدة من ارتكاب مجازر بحق السجناء. واعلن التليفزيون الرسمي السوري أن خمسة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 32 آخرون في حادث تفجير سيارة هز الجزء الجنوبي من العاصمة دمشق، في حين قال ناشطون لوكالة الأنباء الألمانية إن عدد الضحايا أكبر من ذلك.
وكانت أنباء سابقة قد ذكرت أن انفجارين بسيارتين مفخختين هزا حي الزاهرة بالعاصمة السورية دمشق، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى اغلبهم من الأطفال، وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال في وقت سابق إن انفجارا شديدا هز حي دف الشوك بدمشق، سمع دويه في عدة أحياء بالمدينة تبين انه ناجم عن انفجار سيارة مفخخة.
وذكر المرصد ان هناك أطفالا بين الجرحى، وان الانفجار اسفر عن “تهدم الكثير من المنازل في المنطقة”. وأوضح مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس ان الانفجار استهدف مساكن لعناصر في الشرطة.
وكانت الحصيلة الأخيرة للمرصد أشارت الى وقوع 23 قتيلا في معارك وقعت في ريف دمشق وحمص ومنطقتي ادلب ومعرة النعمان. وإضافة الى المعارك، قتل ثلاثة عناصر من القوات النظامية السورية في انفجار سيارة مفخخة امس، استهدف حاجزا للجيش في مدينة درعا كما أصيب ثمانية اخرون، وفق المرصد.
وقال المرصد في بيان “هز انفجار سيارة مفخخة شارع هنانو في مدينة درعا، وقد وقع امام حاجز للقوات النظامية قرب محطة قطارات”.
وقالت امرأة في بلدة محاصرة بالقرب من الحدود التركية بينما تدوي أصوات الرصاص وقذائف المدفعية من حولها “نحن لا نحتفل بالعيد هنا. لا احد في حال احتفال. كل واحد هنا سعيد لمجرد انه ما زال على قيد الحياة”. وقال زوجها وهو رجل في الخمسينيات من عمره انهما عادا واطفالهما الخمسة إلى البلدة، بعد تسعة ايام أمضوها في خيام بالحقول مع عائلات أخرى هربا من الاشتباكات.
وقال وقد جلست طفلة صغيرة في حجره “ليس لدينا شيء نهديه لأطفالنا. ولا يمكننا حتى ان نتصل هاتفيا بعائلاتنا”.
وترددت اصوات المعارك والانفجارات في دوما إلى الشرق قليلا من العاصمة. واندلعت اشتباكات عنيفة عند نقطة تفتيش بالقرب من قاعدة للجيش في المهلب في مدينة حلب الشمالية. كما وقع إطلاق نار عند نقاط تفتيش قرب تلكلخ على الحدود اللبنانية كما وقعت اشتباكات في البلدة نفسها.
وقال باسل عيسى احد قادة المعارضة المسلحة “لا اعتقد ان وقف إطلاق النار سينجح. ليس هناك عيد بالنسبة لنا كثوار على خط المواجهة. العيد الوحيد الذي يمكننا الاحتفال به هو عيد التحرير”.
واظهر شريط فيديو نشر على موقع “يوتيوب” انفجارات تتوالى في احد احياء حمص، بحسب ما يقول صوت مسجل على الشريط. وترتفع سحب سوداء من الدخان على وقع صرخات “الله اكبر”. ويقول الصوت “حمص تدمر وتفجر في اول ايام العيد”. وشهدت مدينة تلكلخ في ريف حمص “اطلاق رصاص من الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة” ترافقت مع اشتباكات، بحسب المرصد. في دمشق، “انفجرت سيارة مفخخة داخل مبنى قيد الإنشاء في حي التضامن ولم ترد انباء عن خسائر بشرية وانفجرت قذائف هاون في محيط مطار المزة العسكري”.
كما افاد المرصد عن “اشتباكات عنيفة في حي العسالي في جنوب دمشق والسيدة زينب في ضاحية دمشق”. وذكر ناشطون ان الاشتباكات شملت ايضا حي القدم في جنوب العاصمة. وقالت الهيئة العامة للثورة ان الاشتباكات بدأت بعد ان “قامت قوات النظام بإطلاق الرصاص على المدنيين في المنطقة”.
واكد رئيس المجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر العميد مصطفى الشيخ في اتصال هاتفي مع فرانس برس “ان منع التظاهر واطلاق النار على المتظاهرين يشكل خرقا للهدنة”. وشكك الشيخ بنوايا النظام، وقال “هذا نظام كاذب. كلما خرج الناس سيطلقون النار. لو تركوا الناس يتظاهرون اصلا، لكان النظام سقط منذ زمن. ولو ان الناس يثقون بتعهد النظام وقف النار، لكان الشعب السوري خرج كله للتظاهر”. وشملت التظاهرات بلدات في درعا وحي هنانو في مدينة حلب وريف حلب واحياء الحجر الاسود والقابون وجوبر في دمشق وبلدات وقرى عدة في ريف دمشق وادلب وريف حماة ودير الزور والرقة.
وأفاد المركز الإعلامي السوري بسقوط عدد من الجرحى إثر قيام قوات النظام بإطلاق النار على مظاهرة في أنخل بدرعا.
بدوره، اعلن الجيش السوري ان “مجموعات إرهابية مسلحة” قامت بخروقات لوقف إطلاق النار بالاعتداء على عدد من المواقع العسكرية في مناطق سورية مختلفة ما استدعى ردا من القوات السورية النظامية. وجاء في بيان تلي عبر التلفزيون الرسمي السوري “في خرق واضح للاعلان عن إيقاف العمليات العسكرية الذي التزمت به القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، قامت المجموعات الإرهابية المسلحة بالاعتداء على بعض المواقع العسكرية”. واضاف “تطبيقا لنص البيان الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تقوم قواتنا المسلحة الباسلة بالتعامل مع هذه الخروقات، والرد على مصادر النيران والتصدي للعصابات الإرهابية المسلحة وملاحقة فلولها”. وعددت القيادة الخروقات بالتفصيل، مشيرة الى انها استهدفت مواقع وحواجز للجيش في في دير الزور، ودرعا، وادلب، وحمص وريف دمشق.
– الاتحاد