حصدت أعمال العنف والاشتباكات والهجمات أرواح العشرات في سوريا، أمس، بالتزامن مع تظاهرات أطلق عليها اسم “أوان الزحف إلى دمشق«، فيما يسود مشهد ضبابي واقع اجتماعات المعارضة السورية في الدوحة، حيث انتخب المجلس الوطني السوري أعضاء هيئته القيادية الأحد عشر، في حين أعلنت لجان التنسيق انسحابها من المجلس احتجاجاً على سيطرة الإخوان المسلمين عليه، كما قرر المجلس إرجاء الاجتماع مع بقية فصائل المعارضة 24 ساعة، فيما انتخب جورج صبرا رئيساً له، في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن 4 ملايين سوري سيحتاجون إلى المساعدة بحلول العام المقبل، ونزح 11 ألف لاجئ خلال 24 ساعة إلى الأردن ولبنان وتركيا التي استقبلت وحدها 8 آلاف، وجددت نفي أن تكون طلبت نشر صواريخ على حدودها مع سوريا من حلف شمال الأطلسي .

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن “اشتباكات عنيفة”في منطقة البساتين بين بلدة داريا في ريف دمشق وحي كفرسوسة غربي العاصمة، وأشار إلى تعرض المنطقة “لقصف من الطائرات الحوامة”. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن القصف العنيف بقذائف الهاون والمدفعية طال أيضاً نهر عيشة وحي الحجر الأسود جنوبي دمشق، كما نفذت طائرات حربية غارات جوية على مناطق عدة في الريف، بينها مدينة دوما وبلدة عربين . وقتل أربعة أشخاص في تفجير سيارة مفخخة أمام بلدية معضمية الشام في ريف دمشق، وفي دير الزور (شرق)، قتل ما لا يقل عن 12 شخصاً في قصف مدفعي على مدينة القورية، فيما قتل ما لا يقل عن 20 من القوات النظامية وأصيب آخرون، عندما هاجم مقاتلون مقراً للأمن العسكري في رأس العين البلدة الحدودية في محافظة الحسكة (شمال)، التي أعلنت المعارضة السيطرة عليها .

وخرجت تظاهرات عديدة في مناطق مختلفة من سوريا، تحت عنوان “أوان الزحف إلى دمشق«، ردت على التصريحات الأخيرة للرئيس بشار الأسد التي رفض فيها مغادرة سوريا، مؤكدة أنه سيسقط حتماً و”سيموت في سوريا”.

وأعلن مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة جون غينغ أن عدد الذين سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية داخل سوريا يتوقع أن يرتفع إلى أكثر من أربعة ملايين مطلع العام المقبل . وقال في جنيف “مطلع السنة الجديدة، نتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص من 5 .2 مليون إلى أكثر من أربعة ملايين، وسيواصل هذا العدد الارتفاع بسبب المعاناة الإنسانية”. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن العدد الإجمالي للاجئين في البلدان الأربعة المجاورة لسوريا، تركيا ولبنان والأردن والعراق، قد يرتفع إلى 700 ألف عام 2013 . وحسب حصيلة جديدة أعلنتها المفوضية العليا للاجئين فإن عدد هؤلاء يبلغ حاليا 408 آلاف لاجئ .

وأشار غينغ الذي كان يتحدث للصحافيين في ختام المنتدى الإنساني السادس حول سوريا في جنيف إلى أن هذه الأرقام “ليست أسوأ السيناريوهات«، مضيفاً “لكنه سيناريو مروع يجب أن يكون مصدر إلهام وتحفيز”للسياسيين لمضاعفة جهودهم من أجل إنهاء النزاع . ولجأ نحو 11 ألف سوري في 24 ساعة إلى البلدان المجاورة، 8 آلاف منهم إلى تركيا، في عدد يفوق بكثير المتوسط الإجمالي اليومي البالغ 2000 شخص . وجدد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو نفسه أن تكون بلاده طلبت رسمياً من حلف شمال الأطلسي (الناتو) نشر صواريخ باتريوت على أراضيها، مشيرا إلى استمرار المشاورات مع الحلف لاتخاذ التدابير المناسبة .

وانتخب “المجلس الوطني السوري”المعارض في الدوحة، أعضاء مكتبه التنفيذي ال ،11 وذكر المجلس على صفحته على “فيس بوك”أن الفرز جرى تحت عدسات المصورين وبحضور إعلامي . وقال عضو المكتب جورج صبرا “نأمل أن تشكل هذه الانتخابات الحرة والشفافة نموذجا يحتذى، وتبشر بانتخابات حرة في سوريا”. وبدا من المرجح أن المعارضة التي تتعرض لضغوط لتوحيد صفوفها ستتفق على تشكيل كيان جديد شامل سيكون كحكومة وحدة في حالة سقوط الرئيس بشار الأسد . وقال مصدر داخل الاجتماعات إن أعضاء المجلس غيروا وجهات نظرهم وعلى وشك قبول الحاجة إلى تشكيل كيان أوسع . وأضاف “لن نغادر من دون اتفاق”.

وأعلنت لجان التنسيق المحلية السورية المعارضة انسحابها من المجلس الوطني، بعد نتائج إعادة الهيكلة المخيبة للآمال، بحسب ما جاء في بيان صدر عنها مساء أمس . وأوضحت الناطقة باسم اللجان ريما فليحان في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان “هناك سيطرة شبه كاملة لجماعة الإخوان المسلمين على المجلس«، والانسحاب جاء بعد أن تبين أن “شيئاً لم يتغير في أداء المجلس رغم مشروع الاصلاح، وأن التركيبة الجديدة كرست سيطرة فئة معينة وغلبت طابعاً واحداً”.

وجاء في بيان اللجان “بعد عدة محاولات من لجان التنسيق المحلية لدفع المجلس الوطني السوري إلى تبني خطة اصلاح شاملة وجذرية وجدية، ليكون قادراً على النهوض بدوره في تمثيل ثورة الشعب السوري، تأكد لنا أن المجلس غير قادر على انجاز هذه الخطوة، وخصوصاً بعد نتائج إعادة الهيكلة المخيبة لآمال معظم السوريين”وأضاف “بناء عليه، تعلن لجان التنسيق المحلية في سوريا انسحابها من المجلس الوطني السوري”.

وقالت فليحان ان “النتائج المفاجئة للانتخابات التي حصلت داخل المجلس تعكس سيطرة من لون واحد وتمثيلاً غير منطقي . هذا غير مقبول”.

تابعت إن “جزءاً كبيراً من الشخصيات المقصرة استمر في تولي المسؤوليات وشخصيات كان يمكن أن تقدم شيئاً لم تتمكن من أن تكون جزءاً من التركيبة الجديدة التي تخلو أيضاً من أي تمثيل إنساني”.

ودعا المجلس الوطني السوري إلى إرجاء الاجتماع المتوقع في الدوحة مساء أمس مع مكونات أخرى للمعارضة بهدف توحيدها في هيئة واحدة لمدة 24 ساعة، مشيراً إلى انشغال أعضائه بانتخاب رئيس لهم وإلى حاجتهم إلى مزيد من الوقت للتشاور .

وقال عضو المكتب التنفيذي أحمد رمضان لفرانس برس “طلبنا إرجاء الاجتماع ل 24 ساعة ونحن في قلب عملية انتخابية”. عندما كان المجلس الوطني يستعد لانتخاب أعضاء مكتبه التنفيذي ورئيس جديد له .

– الخليج