خليل قنديل
لعله من الإنصاف الإشارة المعمقة لدور الإمارات الريادي العربي في الارتقاء بالثقافة العربية ومشاربها على كل الصعد الفكرية والإبداعية، وذلك عن طريق تحفيز الطاقات الإبداعية العربية بمنح الجوائز الأدبية التي تمنحها الإمارات في كل عام.
ومن هنا، يمكن الجزم بأن بعض الجوائز الأدبية، خصوصاً في ما يتصل بالجوائز التي تقدمها الإمارات تحديداً في المجالات الإبداعية والفكرية في كل عام، تعد بحق رافعة معنوية للمبدع تجنبه وضع الفاقة المعيشي، وتدفعه إلى الإيمان بجدوى اختياره القدري لمهنة الكتابة، فضلاً عن دفعه إلى التمسك بهذا الاختيار المهني، وتجديد الإبداع فيه، والسعي الى التفوق.
إن جائزة مثل «جائزة سلطان العويس» التي تمنح لصاحب الأعمال الفكرية والأدبية عن مجمل أعماله، يمكن اعتبارها من التكريمات النادرة التي تشد من عضد الكاتب العربي، وتجعله يزداد تمسكاً باختياره الكتابي. هذا اضافة إلى الرموز الإبداعية العربية التي حصلت على هذه الجائزة، واستحقتها عن جدارة.
ولعل جائزة المغفور له المؤسس، الشيخ زايد، التي تشمل كل صنوف الفكر والإبداع، هي الأخرى يمكن اعتبارها من الجوائز التي استطاعت، على الرغم من عمرها القصير نسبياً، أن ترتقي بالأدب والفكر العربيين، بسبب نزاهة الجهة القائمة عليها، وانتقاء الفائز الذي تليق به هذه الجائزة بالفعل.
ومن يتابع الخطوات التي تسير بها جائزة «البوكر» العربية الخاصة بالرواية، التي تمنحها الإمارات أيضاً، لابد أن يكتشف الفعل الحافز لهذه الجائزة من حيث الارتقاء بمستوى الرواية العربية الى الدرجة التي تحولت فيها مثل هذه الجائزة الى «باروميتر» لقياس مستوى التطور في مجال الرواية العربية، الذي بدأ يتحقق في كل عام، هذا إضافة الى العمل على ترجمة العمل الروائي الفائز الى لغات عالمية، ما يوسع مساحة الانتشار الأدبي للروائي العربي.
واذا أضفنا إلى هذه الجوائز جائزة الترجمة التي تمنحها الإمارات أيضاً، يمكن لنا تصور الإسهام الحضاري الثقافي للإمارات في نقل الثقافة الأجنبية بكل مشاربها الى اللغة العربية.
إن ضخ المال الإماراتي في هذا الوريد العربي الذي عانى الجفاف طويلاً، يستحق منّا أن نرفع القبعة احتراماً لهذا النهج، وأن ندعو الدول العربية إلى الاقتداء بهذا النهج الحضاري الفاعل، الذي هو في الأصل ليس غريباً عن حضارة كان أُسها الحضاري الأول كلمة «اقرأ»
– الامارات اليوم