فاطمة ماجد السري
إن التحول الذي كانت تتأهب له دولة الإمارات العربية المتحدة قبل الاتحاد المجيد لم يكن سهلاً، وإنما نستطيع تصور الصعاب التي واجهها المرحومان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراهما، وكانت تحمل الكثير من المشاق والتنقل بين الإمارات وبين الدول المحيطة بها، عدا عن ذلك عدم تصديق أغلب الدول لقدرة هذه الدولة الفتية، وهل سيستمر اتحادها أم لا.
هذا الرهان الذي استطاعت دولة الإمارات أن تكسبه، وتبرهن على ذلك كلما جاء العيد الوطني وتبين أن هذه الدولة استطاعت أن تخطو خطوات من مرحلة الفتوة إلى النمو، وإلى مراحل النضوج التي أخذت دورها في النهوض في مختلف نواحي الحياه بالتدريج.
قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}، بهذه الآيات شهدت الأمة العربية اتحاداً شهد له الزمان في التلاحم والقوة والعزيمة والصبر على كل مشقة، حتى أصبح هذا الاتحاد واقعاً ملموساً يشهد له التاريخ الحديث بأن الإمارات ستبقى بمشيئة الله في كيان روح الاتحاد.
روح الاتحاد هي الروح التي تآلفت وتلاحمت بين المواطنين وهي الباقية، وقد عبر عن ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، بقوله “لا بد أن يعمل الجميع عبر كافة المستويات وفي مختلف المواقع، بروح واحدة ورؤية واحدة وجهود متكاملة، تلك هي روح الاتحاد الحقيقية”.
وفي هذا الصدد يحتاج أبناء الاتحاد من الأجيال الأكبر سنا، إلى التفاعل مع أبناء الجيل الجديد وبث روح الحماس فيهم وتعريفهم بالهوية الوطنية، والتعرف على معنى روح الاتحاد.
وهذا ما قام به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في يوم 14/11/2012، حين قام بتجميع الطلاب والطالبات في موقف بيئي ووطني، حيث قاموا بزراعة أشجار الغاف ورووها لتبقى ذكرى لهم كلما مروا بهذا المكان قرب دار الضيافة في جميرا، التي تسمى الآن دار الاتحاد، وقد شهدت في السابق إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، كما تجمع عند الساحة الخارجية للدار حكام الإمارات في الثاني من ديسمبر 1971.
وهذه الشتلة التي قام سموه بزراعتها، تحمل معاني كثيرة وستبقى حاضرة في نفوس الأطفال الذين زرعوها في الذكرى 41 لليوم الوطني، وستبقى ذكراها خالدة إن شاء الله بخلود الإنسان الإماراتي.
ومن أهم المبادرات التي أصبحت تلاقي الدعم والاهتمام، مبادرة “فوق بيتنا علم” التي أطلقها سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، حيث أعطى للعلم حقه في التواجد من خلال المواقع الكثيرة، وطلب من المغردين في تويتر ومن يستطيع أن يرفع العلم فوق منزله، في مبادرة سامية تهدف إلى احترام العلم ووضعه في مكان عالٍ ليكتسب القوة والسيادة.
فمثل هذه المبادرات التي تشجعنا عليها القيادة السياسية في الدولة، تبث روح الحماس فينا وتعزيز الهوية الوطنية وتعليمها للصغار، الذين ما إن يعلموا أنهم سيحتفلون حتى يقول كل منهم “أنا الإماراتي أنا”.
إن شعار روح الاتحاد التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لم تكن تهدف إلى إطلاق الكلمات الرنانة أو الحملات التي أصبحنا نراها وكثر الحديث حولها، ولكن تأسيس الاتحاد المجيد جاء ليثبت أن السلم الذي صعد عليه الإماراتيون من الأسفل إلى الأعلى بخطوات مباركة من القيادة الحكيمة، تجلت بإنجازاتها التي أصبحت مضرب المثل للدول، بل وأصبحت في أكثر من مجال تنال المركز الأول الذي سعت إليه دوما قيادتنا الرشيدة.
في العام الواحد والأربعين تقف الإمارات وقفة تحدٍّ وصمود، في ظل ما يشهده العالم من انقلابات وحروب وانقسامات، ولا بد للإماراتيين أن يشدوا بعضهم بيد واحدة من حديد، ويقفوا بجدار عازل عن كل متحد يريد دخول هذا الصرح.
ولأن هذا المجتمع يشهد تطورات سريعة، فلا بد أن يواكبها ويحاول الوصول إلى هذه التطورات، مع المحافظة على الدين الإسلامي والهوية الوطنية والعادات والتقاليد، على قلب واحد وباتحاد راسخ على أرض صلبة، وبإعطاء صورة حقيقية عن الإمارات العربية المتحدة في عام 2030، التي ستشهد جيلا جديدا بأفكار جديدة ودولة عصرية تتحدى العالم بوصولها إلى المركز الأول.