أعلن الجيش السوري في بيان على التلفزيون الرسمي مساء أمس، أن غارة إسرائيلية استهدفت مركزاً عسكرياً للبحوث بريف دمشق، فيما ذكر ناشطون في وقت سابق أن حريقاً اندلع في ذات المكان الكائن بضاحية البحوث العلمية «جمرايا» وبمقرات تابعة لمعامل الدفاع حيث يعتقد أنه يتم بالموقع تطوير أسلحة كيماوية وعتاد حربي «غير تقليدي» بعد أن استهدفها الجيش الحر بعدة قذائف. وكانت مصادر متطابقة أفادت في وقت سابق صباحاً بأن غارات إسرائيلية دمرت فجر الأربعاء قافلة كانت متجهة من سوريا إلى لبنان، دون تحديد دقيق للمكان ولا طبيعة ما كانت تنقله، بينما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق ونفت مصادر لبنانية وقوع هجوم داخل الأراضي اللبنانية أو في المناطق السورية القريبة من الحدود.
وقال الجيش السوري مساء أمس في بيان نقله التلفزيون ووكالة الأنباء الحكوميان إن الغارة الجوية التي نفذتها طائرات حربية إسرائيلية فجر أمس، استهدفت مركزاً عسكرياً للبحوث العلمية بريف دمشق، بحسب بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة. وجاء في البيان أن «طائرات حربية إسرائيلية اخترقت مجالنا الجوي فجر الأربعاء وقصفت بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس الواقع في منطقة جمرايا بريف دمشق»، وذلك بعد أن قامت «المجموعات الإرهابية» بمحاولات عديدة فاشلة وعلى مدى أشهر الدخول والاستيلاء على الموقع المذكور.
وذكر سكان أن مركز البحوث العلمية الموجود في بلدة الهامة على بعد 15 كلم شمال غرب دمشق أصيب بـ6 صواريخ دمرته جزئياً، مما تسبب باندلاع حريق وسقوط قتيلين على الأقل. وبثت تنسيقية الثورة السورية في منطقة الهامة على صفحتها على موقع فيسبوك شريط فيديو قالت إنه لـ«قصف من جهة مجهولة» طاول مركز البحوث العلمية.
وكانت مصادر أمنية لبنانية ذكرت في وقت سابق أن «الطيران الإسرائيلي دمر قافلة بعد عبورها الحدود من سوريا إلى لبنان» دون الإفصاح عن الموقع الدقيق للغارة أو عما كانت القافلة تحمله. وأكد مصدر أمني اشترط عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع، أن الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربت قافلة يبدو أنها تحمل أسلحة متجهة إلى لبنان، لكنه قال إن ذلك حدث في الجانب السوري من الحدود. وتابع «كانت قافلة مسلحة تتجه نحو لبنان ولكنها ضربت على الجانب السوري من الحدود حوالى الساعة 23,30 ت غ». ورفضت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي الإدلاء بتعليق. وأكد المصدران أن هناك نشاطاً إسرائيلياً «غير اعتيادي» على مستوى عال فوق المجال الجوي اللبناني بدأ مساء أمس الأول، واستمر طوال الليل.
وكان الجيش اللبناني أكد في بيان التحليق المكثف للطيران الحربي الإسرائيلي منذ صباح الثلاثاء وحتى فجر الأربعاء، وقد شاركت فيه 16 طائرة حربية. وقال مصدر أمني في منطقة الجنوب اللبناني لفرانس برس إن «الطيران الإسرائيلي يحلق يومياً فوق الأراضي اللبنانية، لكن يوم الثلاثاء كان التحليق أكثر كثافة من الأيام العادية.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من قيام إسرائيل بنقل بطاريتين من نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ إلى منطقتها الشمالية مع تزايد المخاوف من تسرب الأسلحة الكيماوية التي يملكها النظام السوري إلى «حزب الله» اللبناني. وقال مسؤولون إسرائيليون إن نقلًا مماثلًا سيشكل مبرراً لهجوم إسرائيلي. وقال رئيس سابق لاستخبارات جهاز «الموساد» الإسرائيلي أمس إن على الدولة العبرية «بذل أي جهد لمنع أي أنظمة أسلحة من هذا النوع (الكيماوي) من الانتقال إلى المنظمات الإرهابية» بحسب قوله. وذكر امنون سوفرين في حديث للصحفيين سبق التقارير عن الغارة، أنه من غير المرجح أن تقوم إسرائيل بشن غارات جوية على مخزونات الأسلحة الكيماوية بسبب المخاطر البيئية. وأضاف «أن مهاجمة.. مخازن الأسلحة الكيماوية يسبب ضرراً غير مبرر لأن كل جزء منها سيتسرب وقد يسبب أضراراً للعديد من السكان». وتابع «ولكن إن كنت تعلم عن قافلة تحمل بعض هذه الأنواع من الأسلحة من سوريا إلى لبنان، فإنك تستطيع ارسال وحدة للمكان الصحيح وأن تحاول وقفها». وكانت صحيفة «معاريف» ذكرت الاثنين الماضي، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «ارسل بشكل طارئ» مستشاره للأمن القومي ياكوف اميردور لروسيا للطلب من موسكو التأثير على سوريا لمنع أي نقل للأسلحة الكيماوية.
على الصعيد الميداني الداخلي، قتل 100 سوري على الأقل بنيران القوات النظامية والاشتباكات أمس، في حين أكد الجيش الحر فرض سيطرته الكاملة على معسكر الإسكان العسكري في إدلب عقب اشتباكات عنيفة مع قوات حكومية. وفي دير الزور، حاصرت كتائب تابعة للجيش الحر المطار الحربي في المدينة لليوم الـ 45 على التوالي ومن المتوقع سقوطه في أي لحظة حسب مصادر معارضة. وفي منطقة دمشق، وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيشين السوري والحر قرب قسم الشرطة في حي القدم العاصمي، كما داهمت قوات الأمن حدائق في حي ركن الدين ورحلّت عدداً من النازحين الموجودين فيه. وفي حماة، قصفت كتيبة المدفعية التابعة للقوات الحكومية في قرية بري الشرقي باتجاه القرى الواقعة غرب السلمية.
من جهة اخرى بيروت (أ ف ب) – اتهمت المعارضة السورية نظام الرئيس بشار الأسد باستغلال «التراخي العالمي» و«التهاون الدولي» في حماية الشعب السوري، لتنفيذ «مجزرة حلب» التي كشف عنها أمس الأول وراح ضحيتها نحو 89 شاباً قتل معظمهم برصاصات في الرأس وتم إلقاؤهم في نهر يمر بالمدينة. في حين ألقت وسائل الإعلام السورية الحكومية باللوم على «جبهة النصرة» المتشددة بارتكاب المجزرة، حيث قالت الوكالة الأنباء الرسمية إن «الأهالي تعرفوا إلى أعداد ممن أعدمتهم (جبهة النصرة الإرهابية)، وأكدوا أن اختطاف أبنائهم كان بسبب رفضهم التعامل مع هذه الجبهة ومطالبتهم لإرهابييها بمغادرة أحيائهم السكنية».
وعبر الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة في بيان صدر عنه الليلة قبل الماضية، عن صدمته بالمجزرة الجديدة المروعة التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين الآمنين والتي راح ضحيتها عشرات المواطنين في حي بستان القصر بحلب، قضوا بعمليات إعدام ميدانية جماعية. وأكد الائتلاف أن التراخي العالمي المستمر تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ما يزال يشجع القتلة على الاستمرار بجرائمهم، وأن التهاون الشديد في مواقف الدول العظمى إزاء حماية السوريين العزل يعطي ضوءاً أخضر لمرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في متابعة ما يقومون به». وطالب الائتلاف الهيئات الدولية العاملة في الشأن الحقوقي والإنساني بالقيام بواجبها بتوثيق الجريمة وإجراء التحقيقات الضرورية لبيان الحقيقة، تمهيداً لتقديم القتلة أمام العدالة».
كما طالب مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف القضية السورية إلى محكمة الجنايات الدولية. كذلك ندد المجلس الوطني السوري، أحد أبرز مكونات المعارضة، بالصمت الدولي الذي شجع على القيام بالمجزرة. وجاء في بيان صادر عنه «مطمئناً إلى دعم قوى إقليمية ودولية، ومتأكداً من تخلي العالم عن واجبه الأخلاقي والسياسي تجاه الشعب السوري، قتل زبانية نظام الإجرام في سوريا عشرات المدنيين بأبشع الأساليب الوحشية وأكثرها جبناً وإثارة للغضب». وقال المجلس، إن الأسد وكل من ساهم في المذبحة سيلاحقون لارتكابهم جريمة ضد الإنسانية».
وكان مقاتلون معارضون على ضفة نهر قويق بحي بستان القصر الواقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة، أفادوا أمس الأول، بانتشال 78 جثة من النهر، مشيرين إلى استمرار وجود جثث أخرى. وقالوا إن «غالبية الجثث تحمل آثار رصاصة في الرأس، وبعضها مصابة بطلقات في الجسد، وأن عدداً من الضحايا «ألقي بهم في المياه وهم ما زالوا أحياء، وتوفوا غرقاً».
– الاتحاد