نورة السويدي

خطوة تحدث لأول مرة يتنادى من خلالها المجتمع الإماراتي برموزه التربوية والعاملة في القطاع العام، للبحث معاً في تفعيل جملة من القيم المجتمعية الأصيلة في النسيج الإماراتي، والبناء عليها وتأصيل منطلقاتها، لتحظى بالرسوخ اللائق بها في بناء الدولة والمجتمع على أركان الأصالة وبقامة وذرى المدنية والنهضة والحضارة.

حوار وملتقى من نوع خاص، بني على نتائج استطلاع القيم المجتمعية الذي أجراه برنامج “وطني” بالتعاون مع مركز “باريت الدولي للقيم”، ويعمل على استشراف آفاق الاستفادة منه في القطاعات المختلفة، وقد حمل هذا الملتقى عنواناً يتناغم مع هذا الهدف النبيل، فكان ملتقى وطنيا للقيم المجتمعية الإماراتية، يتباحث من خلاله أبناء الوطن في سبل معرفة كيفية الاستفادة من نتائج استطلاع القيم، بما يتناسب مع توجهات قيادة الدولة للرقي بالمجتمع والشعب الإماراتي، وصولاً إلى مراتب وإنجازات متقدمة ومتواصلة في جميع المحافل الإقليمية والدولية.

لا بد من الإشارة أولاً إلى أن أبرز نتائج استطلاع القيم المجتمعية في الإمارات، تمحورت حول اهتمام والتزام أبناء الإمارات الكاملين بالرعاية، والأسرة، والاحترام، والصدق، والأخلاق، والإنجاز، والطموح، والالتزام، والتعاون، والمحبة، كما يؤمن أفراد المجتمع بضرورة الاهتمام بالأجيال القادمة، والاحترام، والولاء، والاعتزاز بالمجتمع ومتانة الشعور بالانتماء له، والإبداع، والأسرة، والسلام، والاهتمام بتوفير فرص التعليم والسكن المناسب.

من هنا يمكن الانطلاق إلى رسم الصورة الحقيقية للشعب الإماراتي، النقية الواضحة، والتي ترصد أدق عوامل بقاء ونضوج الأمم والشعوب لتسعى إلى تعزيزها والبناء عليها، كما توصي إلى جميع القطاعات المستهدفة بترسيخ هذه القيم، للعمل على شيوعها وانتشارها بالشكل الكفيل بدوامها وإحداثها الأثر المطلوب منها..

إنه كما يرى المتخصصون، حوار إماراتي داخلي ذاتي لتحقيق كمال التحول المطلوب، نحو بناء دولة لا يدفعها سوى القيم الإيجابية لتحقيق التميز، وتبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على أن البناء في قيم الإنسان هو بناء خالد لا يتآكل بفعل تقلبات الزمان، وهو نهج سليم واضح تسير عليه القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، في سعيها الدائم لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن، والذي يسهم بدوره في تميزها المستمر في كثير من المحافل الإقليمية والدولية، ويمنح صناع القرار والمسؤولين المعلومات الأساسية لمساعدتهم على اختيار القرارات الصائبة، من خلال تسليط الضوء على أولويات القيم المجتمعية، والتي تسهم في تحقيق الرفاهية لجميع أفراد المجتمع الإماراتي.

ما يجعل هذا الملتقى لافتاً وجديراً بالثناء والتركيز والإضاءة، أنه يسير في طريق يبدو للناظر البسيط عكس الواقع العالمي، وهو يبرهن للناقد البصير على عمق الرؤية الاستراتيجية للدولة في السير نحو مستقبل أكمل وأفضل.

فبينما ينشغل الكثير من الأمم والدول والمجتمعات الحضارية بكيفية تسيير مصالحها والخروج من أزماتها المالية والاقتصادية، بل والسياسية، فإننا نلتقي على ثرى الوطن وتحت مظلته العامرة، لنتحاور ونتناقش في القيم والأخلاق والسلوكيات المجتمعية، لوضع الخطط والبرامج التي ترسخ القيم المهنية والأخلاقية في مجتمعنا، والتركيز على أهمية دورها في نهوض القطاع العام وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للحكومة، والرفع من كفاءة القطاع العام، إضافة إلى الدعوة لتعميم القيم التربوية والتعليمية في القطاع التعليمي، على المستوى المؤسسي والهيئة التدريسية والطلبة.

وما يجعل هذه الملتقيات أكثر من مجرد تنظير في الفراغ الجماهيري، ويحولها إلى توصيات وبرامج عمل مدروسة ومتابعة، إنها تنظم برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كما أنها أيضاً تحظى بحضور رسمي من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وهو ما يثبت اهتمام القيادة الرشيدة بأهمية وضرورة وجدوى العمل من أجل ترسيخ القيم المجتمعية، ويؤكد اهتمام الدولة بأن تكون مبنية على أسس راسخة من القيم المرتبطة ارتباطاً وثيقاً وأصيلاً بتراث وتقاليد المجتمع الإماراتي وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.

هي ليست ترفاً حضارياً إذاً، بقدر ما هي رسالة عالمية بأننا شعب يحمل قيمه فوق رأسه، ويرنو بعينيه إلى المستقبل، ويسير إليه بخطوات ثابتة تجعل الوطن هو القاسم الأساسي المشترك بين جميع أبنائه، في منظومة فكرية أخلاقية تقدم للحاضر زاد النهوض المستقبلي، معتمداً على الأخلاق المجتمعية الراقية أولاً وثانياً وثالثاً

البيان