عائشة سلطان

أصبح الإعلامي المصري باسم يوسف أشهر من نار على علم، بعد أن تحول برنامجه الأسبوعي “البرنامج” والذي يعرض على قناة (سي بي سي) المصرية، إلى واحد من أكثر البرامج جماهيرية في مصر والعالم العربي وربما خارج النطاق العربي أيضا، إثر البلاغات العديدة التي تم تحويلها للنائب العام والذي استدعي باسم على أثرها للنيابة وتم استجوابه بتهم عدة أهمها ازدراء الدين والرئيس، ما دفع بمقدم البرنامج التلفزيوني الساخر “دايلي شو” الأميركي جون ستيوارت إلى تخصيص جزء كبير من حلقة سابقة لدعم باسم والتنديد بسياسات مرسي اللاديمقراطية بطريقة ساخرة جداً!
في تلك الحلقة التي لاقت ترحيباً جماهيرياً على مواقع التواصل الاجتماعي وجه جون ستيوارت كلامه مباشرة للرئيس مرسي قائلاً “لماذا أنت قلق يا سيادة الرئيس؟ أنت لديك دبابات وطائرات، وباسم يوسف ليس لديه سوى السخرية والنكات وبرنامج تلفزيوني، ومن تجربتي الشخصية فأنا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية لم أفعل شيئاً سوى السخرية من سياسات الرؤساء لدينا ومع ذلك لم نشهد انقلابات أو سقوط أي حكومات هنا في الولايات المتحدة الأميركية، حتى حرب العراق لم نتمكن من وقفها، إن المصريين شعب عريق، اخترع الحضارة، وبنى الأهرامات، فلماذا يشعر الرئيس محمد مرسي بالقلق من سخرية أحد البرامج من طريقته في اللبس أو في التحدث باللغة الإنجليزية؟”، وهنا فستيوارت يشير إلى الحلقة الأخيرة التي ظهر فيها باسم مرتدياً القبعة العجيبة بعد تكريم مرسي ومنحه الدكتوراه الفخرية في باكستان ! إن أزمات مصر اليوم كبيرة وصعبة جداً، وهي كفتائل مشتعلة بعضها انفجر في وجه المصريين وبعضها في طريقه للانفجار، وكلها تدور على محورين رئيسيين: السياسة والاقتصاد، أما السياسة فإن صراع الكراسي والسلطة يبدو كدائرة مغلقة بعد أن أغلقت جماعة الإخوان المسلمين سلطات الحكم عليها وحدها فاستحوذت على الرئاسة والبرلمان بينما كان الإعلان الدستوري محاولة للحصانة ضد المساءلة والتي أنتجت موجة العنف التي تشهدها الشوارع المصرية، وقادت إلى تآكل حتمي لرصيد وشعبية جماعة الإخوان التي جاء الرئيس من رحمها!
لم يكن بإمكان إعلاميي مصر سوى انتقاد سياسات مرسي بأكثر الأساليب جرأة وشفافية خاصة بعد أن وقف هو شخصيا وقال لعموم المصريين في خطاب التنصيب “إن أخطأت فقوموني” مستلهماً قول أبوبكر الصديق رضي الله عنه في خطبته الأولى بعد أن بايعه المسلمون خليفة عليهم، وكان مرسي قد تعهد في خطابه أن يحافظ على حرية الإعلام فلن يغلق صحيفة ولا محطة، وها هو لم يمض على رئاسته طويلا إلا أنه قدم للمحاكمة والاستجواب عددا من الإعلاميين يفوق من تم استجوابهم ومحاكمتهم طيلة ثلاثين عاما هي فترة حكم الرئيس محمد حسني مبارك !!
وكأن الثورة المصرية لم تندلع رافعة شعار الحرية والكرامة، أو كأن مرسي لم يتعهد بحماية الحريات، وكأن مصر لم تنقلب 180 درجة لتقتلع غابة الفساد والاستحواذ والقمع، إن ما تعانيه مصر اليوم أضعاف ما كان خلال العقود الماضية، فقد أضافت سياسات الإخوان عنفا للشارع وكسرا للوحدة الوطنية، إن ما تغير حقيقة هو رحيل الرئيس محمد حسني ومجيء محمد مرسي الذي يجلس على كرسي سلفه ليعيد إنتاج سياساته ولكن باسم الدين!
جون ستيوارت في برنامجه الأحد الماضي لم ينس أن يذكر مرسي قائلا “من دون باسم يوسف والثوار وجميع الشجعان الذين توجهوا إلى ميدان التحرير، لم تكن يا سيادة الرئيس لتصبح رئيسا للمصريين.” وقد صدق!

– الاتحاد