معن البياري
فاجأنا وسرَّنا أَيضاً، مدير الديوان الأَميري في الفجيرة، نائب رئيس هيئة الفجيرة للثقافة، محمد سعيد الظنحاني، نحن حضور الملتقى الإعلامي الرابع الذي تقيمه الهيئة، عندما أَعلن في الافتتاح أَنَّ الهيئة ستعمل على جعل الفجيرة وجهةَ المبدعين في التصوير السينمائي والتلفزيوني، والدراما عموماً، وذلك بإقامة استوديوهات للتصوير في ثلاث مناطق تراثية مفتوحة، بالنظر إِلى غنىً تاريخيٍّ وجمالياتٍ جغرافيةٍ في الإمارة، حيث البحر والجبال والسهول والوديان والواحات.
ولا يسع صُنّاع الإعلام والفنون البصرية إِلا أَنْ يغبطوا الفجيرة على طموحِها هذا، وعلى رهانِها بأَنْ تنجح بتحقيقِه، وهي التي استطاعت أَنْ تُقيم لها مطرحاً مهماً بهذه الصناعة وفي الإبداعات الفنية المتنوعة، ليس فقط بدلالة المكانة الدولية البارزة التي صار يحتلها مهرجان المونودراما الدولي الذي تقيمه الفجيرة، وصار الأَفضل عالمياً في مجال مسرح الممثل الواحد، بل أَيضاً لإنجازاتٍ غير قليلةٍ صارت تُؤشّر إِلى اسم الفجيرة في تظاهراتِ المسرح والموسيقى والإعلام، وكذلك في ملتقياتٍ غير قليلةٍ، ومنها ملتقى تنويريٌّ وثقافيٌّ بالغُ القيمة سيقام مع افتتاح مسجد الشيخ زايد قريباً.
وتتكامل هذه الهمة العالية في الإمارة الناهضة مع منجزاتٍ عديدة تنهضُ بها دولة الإمارات في أَبوظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة وأُم القيوين، حيث صارت ملحوظةً ومؤكدةً، في العقدين الماضييْن خصوصاً، حيويةٌ لافتةٌ في تنظيم تظاهراتٍ ومواسم وأَنشطةٍ ثقافيةٍ وفنيةٍ متنوعةٍ، تواكبُ الجديد، وتحتفي بالمنجزات الإبداعية، المحلية والعربية والدولية.
ثلاثة أَيام، أَمضيناها في الفجيرة، نحن ضيوف الملتقى الإعلامي والمدعوين إِليه، وكذا حضوُه من طالبات كليات الإعلام في الإمارات، كانت مناسبةً متجددةً للتعرّف على منصةٍ عربيةٍ مهمةٍ للنقاش الدائر في شؤون الإعلام ومستجدّاته وظواهره، سيّما فيما يخص قضايانا والمتغيرات الثقافية والاجتماعية التي تتعلّق ببيئاتنا وفضاءاتنا، المحلي منها والعابر للجغرافيات.
وبمساهماتٍ أُردنية وازنةٍ، مع مشاركاتٍ إماراتيةٍ وعربيةٍ مقدّرة، جاءَ الحوار في جلسات الملتقى الخمس ثرياً في استنفار الأَفكار والرؤى واشتباكها، في جدلٍ لم يكن معنياً بأُطروحاتٍ مكتملةٍ بقدر ما انشغل باحتكاك الاجتهاداتِ بشأن هذه الغابةِ المتنوعةِ من وسائل الإعلام و وسائطه الشديدة التنوع، والتي صار يروقُ لكثيرين اعتبار التلفزيون والصحف إِعلاماً تقليدياً، ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية إِعلاماً بديلاً. وقد سُعد حضور الملتقى بمساهمة رئيسة المعهد الأردني للإعلام، الأميرة ريم العلي، في هذا النقاش، وبمساهمات الزملاء من الأردنيين، أَمجد ناصر وفيصل الشبول وجريس سماوي، وقد تكاملت مع مساهمات مختصين ومثقفين وإِعلاميين عرب، منهم: عمار علي حسن وسعد بن طفلة العجمي ونجلاء العمري وفاطة بن محمود وعبد الوهاب بدرخان ورياض نعسان آغا، وغيرهم.
والبادي في ملتقيات من طراز هذه التظاهرةِ في الفجيرة أَنها مساحةٌ تتيحُ استكشاف مصادر وجهات النظر بشأن الإعلام وقضاياه، وأَهمها التجارب الذاتية، من دون اعتناء كبير بنتائج استطلاعات الرأي العام وخياراته في استهلاكه المواد الإعلامية الغزيرة، ما يعودُ إِلى نقصٍ فادحٍ في إنجاز هذه الاستطلاعات بكيفياتٍ علميةٍ موثقة ودالة.
وثمّة تعظيمٌ ظاهرٌ لأَدوار، حاضرةٍ ومؤكدةٍ، لمواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الانترنت، في الفضاءِ الاعلامي الراهن، ما يُخشى أَنْ تنشأ عن هذه القناعات تصوراتٌ تُضعف من فاعليّة العنصر الإنساني في صناعةِ الأحداث وتداول المعلومات والأخبار. وهذه واحدةٌ من زوبعة قضايا كانت مثار نقاشٍ طيبٍ في أَيامٍ ثلاثةٍ في ملتقى إِعلامي رائق، في الفجيرة التي فاجأتنا بطموحاتِها… ونجاحاتها.
– الدستور ( الأردن )