لقي 44 سورياً حتفهم بنيران القوات النظامية أمس، في حين قتل 60 مسلحاً شيعياً من الموالين لنظام الرئيس بشار الأسد باشتباكات في منطقة حطلة بمحافظة دير الزور، حيث كانوا يحاولون تجنيد وتسليح عناصر لمواجهة الجماعات المعارضة، في خطوة تهدد بإضفاء طابع أكثر مذهبية على النزاع المتفاقم منذ أكثر من عامين. من جهتها، أحرزت القوات النظامية أمس تقدماً في وادي السايح بمدينة حمص في محاولة منها للسيطرة على كامل المدينة خاصة الأحياء المحاصرة منذ أكثر من عام، تدور اشتباكات عنيفة وقصف بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة. وفيما استمر القصف المدفعي والجوي والاشتباكات في الأنحاء السورية المختلفة، أكدت التنسيقيات المحلية والهيئة العامة للثورة، أن الجيش الحر تمكن للمرة الأولى من إسقاط طائرة استطلاع من دون طيار في سماء الغوطة الشرقية بريف دمشق.
وأفادت حصيلتان غير نهائيتين للتنسيقيات وهيئة الثورة، مقتل 12 سورياً في دمشق وريفها، و11 في حمص بينهم ضحيتان توفيا تحت التعذيب. كما سقط 8 قتلى في كل من حلب ودرعا، وقتيلان في دير الزور، إضافة إلى قتيل في كل من حماة والرقة وإدلب. وقالت مصادر سورية معارضة إن اشتباكات دامية شهدتها بلدة حطلة بمحافظة دير الزور شرق سوريا، فجر أمس، أسفرت عن مقتل 10 مسلحين معارضين وعشرات من المقاتلين الموالين لنظام الأسد.
وذكر مدير المرصد الحقوقي رامي عبدالرحمن أن 60 شخصاً على الأقل من الطائفة الشيعية غالبيتهم من المسلحين قتلوا باشتباكات مع مقاتلين معارضين شنوا هجوماً على معقلهم في بلدة حطلة، بينما قتل 10 آخرون من المقاتلين المعارضين.
وعرض المرصد أشرطة فيديو على موقع يوتيوب تظهر «احتفال» مقاتلين معارضين بمقتل 60 شيعياً الذين كانوا ينشطون في تجنيد وتسليح عناصر محلية للانضمام للقتال بجانب قوات الأسد والميليشيات المتحالفة معها. وفي أحد هذه الأشرطة، يظهر قرابة 12 مسلحاً في باحة منزل، حيث وضعت جثة واحدة على الأقل وعليها غطاء أصفر اللون. ويقوم أحد المسلحين بكشف الجثة، ليظهر وجه شاب مصاب بطلق ناري في الرأس. ويقول المصور «فطائس…هذه هي نهايتكم يا كلاب». ويوجه أحد المسلحين، وهو ملتح يرتدي ملابس سوداء ولف رأسه بعصابة كتب عليها «لا اله إلا الله محمد رسول الله»، نداء إلى «السنة»، قائلًا «نحاججكم، انصروا دينكم». وفي شريط ثان، يظهر قرابة 10 مسلحين يرفعون رشاشاتهم عالياً. وعلى وقع هتافات «الله أكبر» وإطلاق النار ابتهاجاً، يقول المصور «ها هم المجاهدون يحتفلون بدخول بيوت الروافض. الله أكبر تم حرق جميع بيوت المرتدين»، بينما تظهر بعض المنازل وهي تحترق.
وأوضح المرصد أن هجوم المقاتلين المعارضين على البلدة ذات الغالبية الشيعية أتى غداة شن المسلحين الشيعة هجوماً على مركز للمقاتلين، مشيراً إلى أن 10 من مسلحي المعارضة على الأقل، قتلوا في اشتباكات أمس الأول. وحذرت الأمم المتحدة في أوقات سابقة من أن النزاع السوري بات «طائفياً بشكل واضح». كما أدت مشاركة «حزب الله» إلى جانب قوات النظام في المعارك التي انتهت بسيطرته وهذه القوات، على منطقة القصير بريف حمص، إلى تصعيد الخطاب المذهبي في سوريا وفي لبنان المنقسم بين موالين للنظام السوري ومعارضين.
كما ذكر المرصد الحقوقي أن العديد من المدنيين الشيعة وهم أقلية في بلدة حطلة التي ينتمي سكانها لطوائف مختلفة، لاذوا بالفرار إلى مناطق أخرى بالمحافظة. وأكد بعض ناشطي المعارضة أن الهجوم شمل أعمال قتل خارج نطاق القضاء وحرق أماكن عبادة شيعية. وقال الناشط كرم بدران الذي تحدث لرويترز من دير الزور، إن 20 شخصاً فقط تأكد مقتلهم في حطلة لكن مقاتلي المعارضة أخذوا 20 شخصاً رهائن. وأضاف أن الدافع الرئيسي لهذا العنف ليس طائفياً لكنه قال إنه جرت في الآونة الأخيرة محاولات من الحكومة لتجنيد عناصر ميليشيا من كل الطوائف الدينية في منطقة تسيطر عليها المعارضة منذ عام دون أن يتعرض أحد للأذى من جانب الشيعة هناك. وأوضح بدران أن أعمال القتل التي شهدتها حطلة جاءت بعد هجوم الاثنين الماضي، شنه أفراد ميليشيا مؤيدة للأسد على نقطة تفتيش خارج عاصمة محافظة دير الزور قتل فيه العديد من مقاتلي المعارضة وجرح العشرات. وأضاف بدران أن 3 من الرجال الذين قتلوا هم رجال دين شيعة وأنه تم إعدامهم وتعليقهم على مدخل البلدة. وأضاف أن من بين القتلى هناك «سنة أيضاً انضموا إلى الميليشيا الموالية للأسد وأن أعمال القتل كانت تتعلق في حقيقة الأمر بالخيانة».
وفي مدينة حمص، أفاد عبد الرحمن أن القوات النظامية، مدفوعة بما حققته في القصير، سيطرت أمس، على أجزاء واسعة من حي وادي السايح بالمدينة المضطربة وتتقدم بحذر في هذا الحي الذي يشهد اشتباكات عنيفة ويتعرض للقصف من القوات النظامية. واوضح أن القوات النظامية «كانت موجودة في الحي خلال الفترة الماضية، لكنها لم تكن قادرة على التقدم بسبب وجود قناصة من المقاتلين المعارضين»، مشيراً إلى أن الحي الذي «يفصل بين حيي الخالدية وحمص القديمة»، معقلًا للمعارضين المحاصرين منذ أكثر من عام.
واعتبر عبد الرحمن أن التقدم في الحي «يأتي ضمن محاولة للسيطرة على كامل مدينة حمص»، وأن سيطرة النظام على وادي السايح «تسهل سيطرته» على الأحياء المحاصرة.
وأظهر تسجيل مصور نشر على موقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت قصفاً لمدينة حمص وغارة جوية على العاصمة دمشق أمس. وشوهد دخان أبيض يتصاعد من عدة مبان وسمع متحدث في التسجيل يقول إن المدينة تتعرض لهجوم من «عصابات الأسد». وقال متحدث في التسجيل إن «عصابات الاسد» بقيادة «حزب الله» وإيران تشن هجوماً قوياً وضارياً في محاولة لاقتحام الحيين لليوم الثالث على التوالي.
– الاتحاد