فضيلة المعيني

من المنتظر أن تقول اليوم محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا كلمتها، وتنطق بالحكم في قضية “التنظيم السري”، بعد 13 جلسة من محاكمة علنية، كانت الشفافية العنوان الأبرز لمجرياتها، أتيح للمتهمين، على الرغم من خطورة ما يواجهونه من تهم، ضمانات تكفي لأن يحظوا بمحاكمة عادلة، في احترام كبير للمبادئ القانونية التي تقوم عليها الدولة.

محاكمة حضرها الإعلام المحلي ومؤسسات المجتمع المدني في الدولة، مثل جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، وجمعية الصحافيين، إضافة إلى ذوي المتهمين والمتهمات، أقل ما يمكن وصفها به، أنها محاكمة حضارية بمعنى الكلمة، تعكس الوجه الحضاري للدولة وتقديرها الإنسان في كل الحالات والأحوال.

الصحافة كانت حاضرة منذ البداية، وتابعت مجريات القضية وجلسات المحاكمة، ونقلت بكل أمانة وقائع الجلسات، دون زيادة أو نقصان، ولم تتحفظ إلا في تفاصيل صغيرة، بناء على طلب المحكمة، والتي كانت لصالح المتهمين، مثل عدم ذكر أسمائهم، وعدم استباق الحدث، رافضة أن تنصب الصحافة نفسها محكمة لإدانة المتهمين، واحترام رغبة عدد من المتهمين في الإدلاء بأقوالهم للمحكمة في جلسة سرية، عدا ذلك، لم يكن هناك أي تحفظ في نشر كل ما كان يدور في قاعة المحكمة طوال الجلسات التي امتدت إلى 13 جلسة.

اليوم ينتظر الشارع الإماراتي الحكم، ليس فرحاً، فالقضية برمتها مؤلمة لكل مواطن إماراتي بكل المقاييس، فما أقسى من أن يتهم الإنسان بخيانة الوطن، وما أشد أن يجد نفسه في حالة دفاع عن تهمة بغيضة قاسية. وأي وطن، إنها الإمارات التي لا تعرف سوى الحب والخير، تحتضن الغريب وتكرمه، فما بالنا بأبنائها الذين يحتلون الصدارة في اهتمامات قيادتها، التي تضع راحة وسعادة المواطن ورخاءه ورفاهيته على رأس الأولويات.

قضية شكلت صدمة كبيرة للمواطنين، وظل الكثيرون حتى يومنا هذا يرددون “ليش ..؟”، ولهذا السؤال الكبير ما يبرره، فما الذي يجعل عاقلاً على هذه الأرض يفكر مجرد التفكير في إلحاق أقل الضرر بالبلاد، وليس الإساءة إلى الوطن والقيادة.

حين يفكر الإنسان في تغيير واقعه، فبمنطق العقل أن يكون هذا التغيير إلى الأحسن والأفضل بدوافع منطقية أيضاً لا لخدمة أغراض وأهداف ومآرب تخفيها النفوس.

من يفكر في الاستيلاء على الحكم، لا بد من أن يتحلى بشيء من الحكمة، فلا يبث سمومه في أرض نظيفة، يتنفس أهلها هواء نقياً، يدين بالولاء لوطنه ولقيادته، بصورة تتحطم عندها كل المحاولات، وتفشل كل المخططات، ولا عليهم في هذا ما يحدث في مجتمعات لهم أسبابهم في البحث عن ربيع يحقق لهم حياة كريمة وعيشاً هانئاً.

لكن يبدو جلياً غياب العقل وفقدان الحكمة، ولا تمييز عند من يغلب عنده اللامنطق واللامعقول.

– البيان