تتابع الإمارات العربية المتحدة بارتياح تطورات الأوضاع في جمهورية مصر العربية الشقيقة، انطلاقاً من العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين. وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، إن الإمارات على ثقة تامة بأن شعب مصر العظيم قادر على تجاوز اللحظات الصعبة الحالية التي تمر بها مصر الشقيقة، وأن ينطلق بها إلى مستقبل آمن وزاهر.
وأضاف سموه أن تاريخ مصر العريق ومساهماتها الأساسية في الحضارة الإنسانية ودورها المحوري على الصعيدين العربي والإسلامي، كل ذلك كفيل بأن يوفر لشعبها ركيزة قوية لبناء مستقبل مزدهر يقودها إلى ما يتطلع إليه شعبها الشقيق من تقدم واستقرار.
وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن جيش مصر العظيم يثبت من جديد أنه بالفعل سياج مصر وحاميها ودرعها القوي، الذي يضمن لها أن تظل دولة المؤسسات والقانون التي تحتضن كل مكونات الشعب المصري الشقيق. واختتم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان تصريحه، مؤكداً أن دولة الإمارات تتطلع على الدوام لتعزيز علاقاتها مع مصر الشقيقة حكومة وشعباً، والمضي بها قدماً إلى المزيد من التعاون الوثيق في مختلف الميادين وبما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين.
من جانبه، كتب أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي “يحفظ الله جل وعلا مصر أرض الكنانة ويعلي شأنها ويديم عزها ويحفظ أهلها”.
وقد تسارعت وتيرة ردود الأفعال على ما تشهده الساحة المصرية، وذلك مع انتهاء المهلة التي حددتها قيادة القوات المسلحة للقوى السياسية في البلاد لحل الأزمة الطاحنة التي تواجهها. فقد أجرى وزير الدفاع الاميركي تشاك هاجل اتصالاً هاتفيا أول أمس مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي منح الرئيس محمد مرسي مهلة لتحقيق مطالب الشعب، حسب ما قال المتحدث باسم البنتاجون جورج ليتل أمس.
وجدد ليتل الذي رفض كشف مضمون الاتصال، الموقف الأميركي “الداعم للعملية الديمقراطية في مصر”. وكان هاجل اتصل في نهاية الأسبوع الماضي بالسيسي بحسب المتحدث الذي قال إن واشنطن “لا تدعم أي طرف أو حزب”.
وقال “نعتقد انه يجب تسوية المشكلة بوسائل سياسية”. ويقيم البنتاجون علاقات وثيقة مع الجيش المصري منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، والقاهرة من ابرز الجهات التي تحصل على مساعدة عسكرية أميركية تصل هذه السنة إلى 1,3 مليار دولار. وأضاف المتحدث باسم البنتاجون “نأمل أن نحافظ على هذه العلاقة بعد انتهاء الازمة”. وفي حال حصول انقلاب عسكري ستكون وزارة الدفاع من الناحية القانونية ملزمة بتعليق مساعدتها كما فعلت مع مالي بعد انقلاب عام 2012.
ومن الناحية الدبلوماسية أبدت الولايات المتحدة أمس، رفضها اتخاذ موقف مؤيد لجانب أي طرف في المواجهة الدائرة حاليا بين الرئيس المصري محمد مرسي والقيادة العسكرية في البلاد، ولكنها حثت الجميع على الانخراط في حوار سلمي. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي: “نعتقد أن جميع الأطراف بحاجة إلى التعامل مع بعضها البعض والحاجة إلى الاستماع إلى صوت الشعب المصري ولما يريده وما يحتج بسلمية ضده”. ورفضت بسكاي التعليق على التطورات الأخيرة على وجه التحديد، بما في ذلك ما تردد عن فرض حظر على سفر الرئيس مرسي والادعاءات بأن الجيش قام بانقلاب، واصفة الوضع الحالي في البلاد بأنه “مائع” ومشيرة إلى أن الولايات المتحدة “تراقب الوضع عن كثب”. ورغم ذلك فقد انتقدت تصريحات مرسي التي أدلى بها مساء الثلاثاء والتي فشلت في الاستجابة لمخاوف المحتجين، ولكنها لم تعلق بشكل مباشر على رد فعل الجيش. وقالت بسكاي: “بغض النظر عن مضمون خطابه، فإن لأفعال أبلغ من الأقوال”.
وقالت الحكومة السورية أمس إن على الرئيس المصري محمد مرسي التنحي من اجل صالح البلاد. وبث التلفزيون السوري تغطية مباشرة لمظاهرات حاشدة تطالب برحيل مرسي الذي كان من أشد المنتقدين للرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن وزير الإعلام السوري عمران الزغبي قوله إن تجاوز مصر لأزمتها ممكن إذا أدرك مرسي أن الأغلبية الساحقة من الشعب ترفضه وتطالبه بالرحيل. كما طالب “شرفاء الأمة الانحياز إلى جانب شعب مصر في مواجهة إرهاب الإخوان المسلمين وتهديداتهم”.
ويعتبر الفرع السوري للإخوان المسلمين واحدا من أقوى الفصائل في الانتفاضة على الأسد. وكان مرسي أعرب عن تأييده للتدخل الأجنبي في سوريا لإزاحة الأسد وحضر مؤتمرا حاشدا قبل أسبوعين دعا فيه للجهاد في سوريا.
من جانبها، دعت وزارة الخارجية التركية الأطراف السياسية في مصر، إلى التحلي بالعقل والحكمة والاعتدال، وبذل الجهود الهادفة إلى تعزيز وحدة البلاد واقتصادها، وتنمية مؤسساتها الديمقراطية والحفاظ على استقرارها، ونبذ العنف وعمليات التحريض. وأوضحت الخارجية التركية في بيان لها، أن احترام إرادة الشعب المصري في إطار المحافظة على الشرعية الدستورية، سيقوي النظام الديمقراطي في مصر، مشيرة إلى أن تحقيق الاستقرار والأمن في جمهورية مصر العربية الصديقة والشقيقة، يكتسب أهمية حيوية بالنسبة لتركيا والمنطقة.
وأفاد البيان بأن تركيا دعمت الإرادة الحرة للشعب المصري، والتي تجلت في ثورة 25 يناير، التي قام بها الشعب من أجل تحقيق طلباته المشروعة، وأن الشعب المصري سجل نضالاً حافلاً في غضون عامين من أجل تحقيق الحرية والعدالة والديمقراطية والاستقرار والتنمية الاقتصادية، وأجرى انتخابات برلمانية ورئاسية، منوهاً إلى أن الخطوات التي قطعتها مصر في إطار القواعد الديمقراطية، تعتبر مكتسبات كبيرة لصالح الشعب المصري.
وفي الإطار نفسه، شدد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، على أنه يتعين على الأطراف السياسية في مصر، الجلوس على طاولة المفاوضات، دون شروط مسبقة. جاءت أقوال إحسان أوغلو في تصريح لوكالة الأناضول، أوضح فيه أن منظمة التعاون الإسلامي دعت الفرقاء السياسيين في مصر إلى المصالحة منذ بداية الأزمة، وأنها كانت تنصح باستمرار جميع الأطراف بالشروع بإجراء حوار. ولفت إحسان أوغلو إلى زيارته إلى مصر الأسبوع المنصرم، وأنه طالب الأطراف السياسيين بإجراء مصالحة، مشيراً إلى أنه لا مصالحة تلوح في الأفق في الوقت الراهن.
وأعرب إحسان أوغلو عن أمله في أن يتوصل الأطراف إلى تفاهم قبل وصول الأحداث إلى نقطة اللاعودة، والجلوس على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة.
وفي السياق ذاته، أكد إحسان أوغلو أن منظمة التعاون الإسلامي جاهزة للقيام بواجبها، في حال طلبت منها أي مهمة بهذا الصدد.
وفي طهران، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أمس عن قلقه من استمرار التوتر في مصر، مؤكداً ضرورة تلبية واحترام المطالب المشروعة للشعب المصري. وأشار عراقجي إلى الاهتمام الذي توليه إيران للتطورات الجارية في مصر، معرباً عن قلقه من استمرار التوتر في مصر والذي أفضى مع الأسف إلى مقتل واصابة العديد من المواطنين المصريين الابرياء، مؤكداً ضرورة تلبية واحترام المطالب المشروعة للشعب المصري. واعتبر عراقجي انه من الضروري دعم الوحدة والتلاحم الوطني ونبذ استخدام العنف والتحلي بالحذر في مواجهة مثيري الفتنة للخروج من الأزمة الحالية، بحسب وكالة الانباء الايرانية (إرنا). واشار المتحدث الإيراني إلى الحنكة السياسية للشعب المصري العظيم، معتبراً ذلك عاملا مهما في صد فتن الاعداء الذين لم يريدوا الخير أبداً للشعب المصري. وقال إن الشعب المصري قادر لوحده على حل مشاكله والحفاظ على مصالحه الوطنية السامية.
– الاتحاد