ميساء راشد غدير
من الأمور التي باتت واضحة في الإمارات هي تفاوت واختلاف ساعات العمل في الدوائر الحكومية حتى العاملة بنظام الدوام المرن، والملاحظ أن عددا كبيرا منها تحول إلى ساعات العمل الطويلة بسبب ساعة الاستراحة التي تتخللها أو بسبب بدء وقت الدوام متأخرا بعد الساعة الثامنة صباحا. وأيًّا كان الامر فإن ما يهمنا في حديثنا عن ساعات العمل هو الاشارة إلى تأخر النساء والرجال عن العودة إلى منازلهم وتأثير ذلك على نمط حياتنا الاجتماعية.
قضاء أوقات طويلة في ساعات العمل قد تصل إلى الساعة الخامسة مساء تجعلنا نتساءل عن وجود دراسات أجرتها الجهات التي حددت بدء ساعات العمل وانتهائها ومدى جدوى العمل خلالها، ومدى تأثير هذه الساعات الطويلة على الأسرة في الإمارات وبالتالي على البنية الاجتماعية في الدولة.
كثير من الآباء والأمهات أصبحوا لا يتلقون مع أبنائهم وقت الغداء، والأكثر أنهم اعتمدوا على فئة العمالة المساعدة لاصطحاب أبنائهم وقت الانصراف من المدارس ظهرا، واعتمدوا على مدرسين خاصين لمساعدة الأبناء على أداء واجباتهم واستذكار دروسهم، وربما في حالات كثيرة، كانت ساعات العمل سببا في وجود فجوة بين الأبناء وأهاليهم، وفجوة بين الأزواج وزوجاتهم بسبب ما تتركه ساعات العمل الطويلة من آثار سلبيه على النفس والجسد معا يتعذر معها الحوار أو استيعاب الأخرين من حولنا.
نظام ساعات العمل الممتد بعد الساعة الثانية ظهرا يحتاج إلى إعادة النظر فيه وتقييمه لنرى هل من جدوى لاستمرار عمل الموظفين لأوقات طويلة، وبحاجة لنظام دقيق يقيس معدل ما ينتجه الموظفون فيه من أعمال تؤثر إيجابا على أداء المؤسسات والمجتمع بشكل متكامل، ويستثنى من ذلك بطبيعة الحال الخاضعون لنظام المناوبات.
البعض قد يعتقد أن البقاء في العمل لساعات طويلة هو مؤشر للعمل والإنجاز في حين واقع الامر قد لا يعكس ذلك مطلقا، فكم موظف قادر على إنجاز عشرات المعاملات في ساعات في حين ينجز موظف غيره تلك المعاملات وربما الاقل منها في يوم، وكم موظف يقضي ساعات يومه الوظيفي دون أن ينجز شيئا مذكرا إيانا بالبطالة المقنعة بسب الالزام بساعات عمل يومية لا ترتبط بإنتاج يقاس به أداء الموظف أو يقيم في ضوئه.
لسنا ضد الانضباط في العمل الذي لابد أن يحرص عليه كل موظف لاسيما عند حضوره لمقر عمله أو انصرافه منه خاصة الموظفين العاملين في المؤسسات الخدمية المرتبطة بجمهور، ولكن هناك وظائف إدارية وفنية ينبغي الربط فيها بين ساعات عمل الموظف وانتاجيته، فذلك سيكون حافزا اكبر لعدم تضييع الاوقات، ولتحسين الانتاج، وللتقييم الدقيق الذي سيجعل الجميع يتنافسون على جودة ما ينجزون وليس على عدد الساعات التي يقضونها في مكاتبهم
– البيان