نفّذ تنظيم القاعدة أمس واحدة من أكبر عملياته في اليمن منذ شهور، مستهدفاً مواقع للجيش والأمن في محافظة شبوة جنوب البلاد، ما أدى إلى مقتل عشرات الجنود، في مجزرة غير مسبوقة بحق المؤسسة العسكرية منذ مايو الماضي، فيما شن المستشار السياسي والإعلامي لرئاسة الحكومة علي الصراري هجوماً لاذعاً على حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، متهماً إياه بـ«دعم الفوضى»، كما انتقد أيضاً «تقاعس» أجهزة الأمن.
وسقط 38 قتيلاً من العسكريين المكلفين بالأمن في الحقول النفطية بانفجار سيارة مفخخة في معسكر للجيش في محافظة شبوة، في أثقل حصيلة لهذه الهجمات المتزامنة وغير المسبوقة.
وصرح مسؤول محلي في عتق، كبرى مدن محافظة شبوة، أنه «في بداية الهجوم، وقع اشتباك بين العسكريين والمهاجمين عند مدخل المعسكر ثم اقتحمت سيارة مفخخة الموقع وانفجرت داخله فقتلت 38 جنديا»، وهي حصيلة أكدتها مصادر عسكرية.
وفي الوقت الذي انفجرت فيه السيارة المفخخة قرب عتق، فجّر انتحاري عبوته الناسفة في سيارة أخرى قبل بلوغ هدفه أمام حاجز عسكري» في النشيمة، بحسب ما أعلن مصدر عسكري، مؤكدا «مقتل عشرة جنود» في الحادث.
وأفاد شهود أن المسلحين «خطفوا عددا من الجنود» في النشيمة، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد عددهم.
واستهدف هجوم ثالث معسكر وحدات خاصة في ميفعة، حيث سقط ثمانية شرطيين. وأعلن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجمات.
طلعة جوية
وقال مسؤولون محليون لـ «البيان» إن «عناصر القاعدة هاجمت بسيارتين مفخختين مواقع للجيش في منطقة الكمب في مديرية رضوم، حيث يوجد ميناء ومنشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال، فقتلت نحو ثلاثين من أفراد المواقع العسكرية، كما جرح العشرات بعد أن تمكن انتحاري آخر من اقتحام الموقع».
وذكر سكان محليون أن سلاح الجو نفذ طلعة حربية في أجواء محافظة شبوة، في مهمة يعتقد أنها تستهدف ملاحقة عناصر التنظيم الذين فروا في المناطق الصحراوية والجبلية بعد تنفيذ الهجوم. وهذه الحصيلة الاكبر منذ الهجوم الانتحاري الذي أدى في 21 مايو إلى مقتل حوالى 100 جندي كانوا يتحضرون لعرض عسكري لمناسبة ذكرى توحيد اليمن.
إحباط هجوم
وفي وقت لاحق، أحبطت القوات اليمنية محاولة من «القاعدة» لتفجير سيارة مفخخة.
وأفاد بيان لوزارة الدفاع اليمنية، نشر على موقعها الإلكتروني، أن قوات الجيش والامن «تمكنت من إحباط عملية إرهابية بتفجير سيارة مفخخة، كانت تستهدف منطقة عين بامعبد ومنشأة بالحاف الغازية»، مضيفا أن «السيارة تم تدميرها بما فيها من عناصر إرهابية».
دعم الفوضى
من جانبه، قال المستشار السياسي والاعلامي لرئيس الحكومة علي الصراري لـ «البيان» إن حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يدعم الفوضى في اليمن، وإن المسؤولين عن الامن لا يتمتعون بيقظة عالية، مشيرا إلى أن ذلك سبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بافراد الامن والجيش.
وأوضح الصراري إن «هذه الهجمات أتت متزامنة مع تعليق الحزب الحاكم السابق مشاركته في مؤتمر الحوار، ومع الهجوم اللاأخلاقي على شخص المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بنعمر، وبعد هجمات متتالية على أنابيب النفط وخطوط نقل الكهرباء، وكلها أعمال تهدف إلى إفشال التسوية السياسية».
وأضاف إن «المجموعة التي كانت تحكم البلاد لا تريد لليمن أن ينطلق صوب بناء مستقبله، ولهذا نجدها تضرب في كل الاتجاهات في محاولة بائسة لمنع هذه التحولات». واستطرد: «ولو أنها نجحت في تحقيق ذلك، فإنها تخطط لإبقاء البلاد في لجة الفوضى الشاملة»، على حد وصفه.
تقاعس أمني
وعن أسباب وقوع هذا العدد الكبير من الضحايا وقت يقترب مؤتمر الحوار من نهايته، قال المستشار السياسي لرئيس الحكومة اليمنية: «في ظل هذه الاجواء، لا نجد المعنيين بالشؤون الامنية يتمتعون باليقظة اللازمة، وتقاعسهم هذا يساعد هذا النوع من الجرائم على إنزال خسائر فادحة في أفراد الجيش والامن، وبالمصالح الاقتصادية».
بوادر انفراج في أزمة الحوار
أعلن أمين عام مؤتمر الحوار في اليمن أحمد عوض بن مبارك أن الفريق المكلف بوضع معالجات للوضع في الجنوب سوف يستأنف أعماله بعد توقف نحو أربعة أيام بسبب رفض حزب الرئيس السابق على عبدالله صالح صيغة التفاوض على أساس شمال وجنوب.
وقال مصدر في حزب المؤتمر الشعبي العام إن عودته إلى فريق العمل جاءت بعد الاستجابة لطلبه بـ«تغيير جوهري في مضامين الوثيقة التي اقترحها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر، حيث تم استبعاد أي نص يمس بوحدة اليمن»، مشيراً إلى أن تسمية الفريق عدلت إلى الفريق المصغر للقضية الجنوبية بدلاً عن مجموعة (8+8).
وكان سفراء الدول العشر الراعية للتسوية في اليمن، ومعهم بنعمر، التقوا أعضاء المكتب السياسي لحزب صالح، الذين أبلغوهم رفضهم لأي حوار يتم على أساس شطرين.
وذكر الموقع الرسمي لحزب المؤتمر الشعبي أن «المكتب السياسي أبلغ السفراء أنهم سيقدمون رؤيتهم بشفافية ووضوح إلى الفريق المصغر المنبثق من فريق القضية الجنوبية، لطرحها للنقاش والأخذ بالآراء الإيجابية حولها، وبما يكفل خروج مؤتمر الحوار الوطني بمخرجات سليمة تشمل نصوصاً واضحة وشفافة متوافق عليها، وغير قابلة لأي تأويل أو اجتهادات تؤدي للخلاف أو الصراع، خاصة ما يمس وحدة الوطن واستقراره ومستقبل أجياله».
وقال المصدر اليمني إن «بنعمر وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية عبروا عن تفهمهم لما قدمه أعضاء المكتب السياسي لحزب المؤتمر الشعبي من إيضاحات، وشرح لوجهة نظرهم».
وأضاف إن المجتمعين «أكدوا أن دورهم هو الوساطة والسعي لتقريب وجهات النظر بين اليمنيين، من أجل الخروج من مؤتمر الحوار بالنتائج التي تلبي تطلعات اليمنيين، وتحافظ على وحدة اليمن وتكفل له الأمن والاستقرار والتقدم وهو ما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن رقم 2014 و2051 متمنيين لليمن التقدم والاستقرار والازدهار».
– البيان