لا نلوم لاعبي منتخبنا، كما لا نلوم الجهاز الفني ومدربنا الوطني راشد عامر على ما تحقق حتى الآن في أول مباراتين ضمن بطولة كأس العالم للناشئين التي تستضيفها الدولة، فكرة القدم ليست علماً صحيحاً، وبالتالي ليس حقيقياً أو منطقياً أن نقول هذا الفريق تم إعداده بصورة غير مسبوقة، وخاض عدداً كبيراً من المباريات الودية، على مدى عام قبل انطلاقة الحدث، فهي في النهاية قدرات متفاوتة وإمكانات متباينة، كما أن الموهبة لا تصنع ولا تشترى، ولكنها تولد مع الإنسان وتكبر معه.
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ونحن خسرنا المباراة الأولى أمام هندوراس التي كنا نعتبرها الخصم الأسهل، وجسر العبور والانتقال من الدور الأول، وكانت الخسارة الأولى كأنها الأخيرة، وكأن الحلم تلاشى بعدها فالقادم كان أصعب؛ لأنها البرازيل التي قدمت في مباراتها الأولى رسالة مرعبة شديدة اللهجة إلى جميع الفرق، جمعت فيها ما بين العنف والمتعة واكتسحت منتخب سلوفاكيا بالستة.
لذا لم تكن الخسارة في المباراة الثانية مفاجئة، بل كانت متوقعة ولم يتعرض الشارع الرياضي لأي نوع من أنواع الصدمة وهو يرى الأهداف البرازيلية تنهال على مرمانا بالجملة، حتى توقف العدد عند نصف دستة، وحتى أصبحنا على مشارف الخروج المبكر من بطولة كسبنا فيها ذهبية التنظيم قبل أن تنطلق عن كفاءة وبكل جدارة، وتجرعنا في أرض الملعب المرارة والخسارة تلو الخسارة.
نعم هناك بصيص من الأمل في التأهل إلى الدور الثاني إذا تغلبنا على سلوفاكيا في المباراة الأخيرة وأصبحنا أحد أفضل أربعة فرق تحتل المركز الثالث، ولكن هذا لم يعد مهماً ولا ضرورياً طالما أن منتخبنا ظهر بتلك الصورة الهزيلة، التي تدق لنا نواقيس الخطر وجرس إنذار حول مستقبل الكرة الإماراتية، وقد يكون التأهل في مثل هذه الأحوال خادعاً ومخفياً للكثير من المشكلات والأخطاء والعيوب للطريقة التي تدار بها كرة القدم هنا.
لدينا منتخب أول متميز ونراهن عليه في السنوات القادمة، ولكن لا يجب أن يتوقف العمل، ولا بد أن نطمئن على المستقبل، حتى لا نكرر أخطاء الماضي فالحياة دروس وعبر، وأتذكر عندما وصلنا إلى القمة ولم يحل بيننا وبين إحراز كأس آسيا 1996 سوى ركلات الجزاء الترجيحية، ثم عندما اعتزل ذلك الجيل بحثنا عمن يحل في محلهم فلم نجد أحداً، وظلت كرتنا تسير من سيئ إلى أسوأ ومن تخبط إلى تخبط، فمن جدّ وجد وإذا لم نزرع اليوم فكيف لنا في الغد أن نحصد؟.