مع انحسار العاصفة الثلجية «أليكسا» عن منطقة بلاد الشام والعراق ومصر، أمس، بدأت دولها إحصاء خسائرها وإزالة أطنان الثلوج التي لا زالت متراكمة، حيث بلغ إجمالي ضحايا المنخفض الجوي 27، قرابة نصفهم من السوريين، فيما تجاوزت الخسائر المادية مئات ملايين الدولارات، في حين حذرت وكالة «ناسا» الأميركية للفضاء من عاصفة ثانية ستحل على المنطقة 23 الجاري ستكون أسوأ من الأولى.
وأطلقت وكالة «ناسا» تحذيراً هو الأول من نوعه لدول الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وأوضحت في بيان أن «عاصفتين ثلجيتين ستضربان بلاد الشام عموماً وسورياً ولبنان بشكل خاص، الأولى بدأت مساء الثلاثاء الماضي محملة بثلاث جبهات باردة جداً، وذروة العاصفة كانت الخميس والجمعة وبدأت تضعف الفعالية من بعد ظهر السبت بشكل تدريجي لتستقر الأجواء الأحد»، أي أمس. وأردفت أن المنطقة «ستتأثر بعاصفة ثلجية أخرى تكون أقوى من الأولى في 23 ديسمبر الجاري، وأبرد أيضاً، حيث يتوقع أن يصل تساقط الثلوج إلى الساحل السوري». وأفادت أن «أليكسا 2» سوف تستمر لعدة أيام وتنتهي 27 ديسمبر.
أراضي الـ48
وعلى الرغم من توقف تساقط الثلوج، إلا أنها ما زالت متراكمة في شوارع مدينة القدس المحتلة، حيث أغلقت الطرق الداخلية ومداخل ومخارج المدينة المحتلة بعد تشكل الجليد الذي سبب توقفاً لحركة السير المرورية.
وأفادت مصادر فلسطينية في القدس أن شرطة الاحتلال أغلقت حاجز الزعيم المؤدي إلى القدس، ومنعت مرور المركبات الخصوصية في معظم الطرق في المدينة. وتحدثت المصادر عن وقوع عشرات الحوادث في الشوارع بفعل الانزلاق الناتج عن تشكّل طبقة الجليد.
وبدروها، أعلنت شركة الكهرباء الإسرائيلية، أنه «ما زال 16 ألف بيت من دون تيار كهربائي وأن نصفها تقريباً في القدس». وكان التيار الكهربائي انقطع عن نحو 35 ألف بيت في أنحاء إسرائيل عقب العاصفة الثلجية، ما أثار انتقادات كثيرة تجاه شركة الكهرباء والسلطات الإسرائيلية الأخرى وبينها الشرطة. وأدت العاصفة الثلجية والأحوال المناخية السيئة إلى وفاة أربعة أشخاص في إسرائيل، فيما قالت تقديرات إن أضرارها بلغت قرابة 70 مليون دولار.
حصيلة مصر
وفي مصر، لقي ستة حتفهم في أربع محافظات من جراء سوء الأحوال الجوية، وتسببت الأمطار في تلف ألفي فدان مزروعة بمحاصيل القمح والفول وبنجر السكر، ونفوق أكثر من 60 رأس ماشية بمراكز مختلفة، وأغرقت مياه الأمطار شوارع القاهرة وجميع المحافظات. كما أغلق ميناءي بوغازي الإسكندرية والدخيلة أمام حركة الملاحة نظراً لسوء الأحوال الجوية وحالة الطقس وزيادة سرعة الرياح، وأغلقت الموانئ البحرية في دمياط وبورسعيد ورشيد وسفاجا والعريش وغيرها من الموانئ للسبب ذاته.
حصيلة غزة
وفي غزة، أعلنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة المقالة، انتظام الدراسة في كافة المدارس والجامعات والكليات اليوم الاثنين نظراً لتحسن الأحوال الجوية. وأشارت إلى أنها «ستراعي وجود بعض العائلات التي تم إخلاؤها إلى المدارس، بحيث يتم دمج بعض الصفوف، وإبقاء العائلات المتضررة في المدارس إلى حين تأهيل منازلهم من جديد». كذلك، أعلنت الحكومة الفلسطينية المقالة أن حجم الخسائر الأولية للعاصفة الثلجية في قطاع غزة بلغ 64 مليون دولار.
وقال وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة حركة حماس يوسف الغريز: إن «سبعة آلاف عائلة تقريباً تضم أربعين ألف شخص تضررت وإن أكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية تعرضت للغرق وتم إيواء 900 أسرة في 19 مركز إيواء أقيمت بمدارس في القطاع».
وذكر الغريز أن الأضرار توزعت على البنى التحتية والطرقات والوحدات الصناعية والتجارية وعلى القطاع الزراعي. وقال إن «الاحتلال الإسرائيلي فتح السدود المائية على الحدود الشرقية للقطاع ما أدى إلى غرق عدة مناطق سكنية»، في حين أفادت مصادر محلية بغرق عشرات المنازل شرق مدينة رفح بعد فتح سلطات الاحتلال سداً مائياً على وادي صوفا. أما وزارة الصحة المقالة، فأعلنت وفاة فلسطينيين وإصابة 108 من جراء تداعيات المنخفض الجوي.
وضع الضفة
وبالتوازي، تفقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أوضاع مواطنيه في مدينة رام الله. وقال عباس: إن «الشيء المبشر أن الخدمات الأساسية متوافرة، والمشكلة التي نعاني منها هي انقطاع الكهرباء». وأضاف: «مشكلة انقطاع الكهرباء سببها الرئيسي الجانب الإسرائيلي، ونحن نجري حالياً اتصالات مكثفة لإعادة التيار الكهربائي». وأبقت الحكومة الفلسطينية على عطلة كافة المؤسسات الحكومية والمدارس، باستثناء وحدات الطوارئ في المستشفيات والدفاع المدني.
وضع العراق
وإلى الشرق، توفي أب وأطفاله الثلاثة من جراء اختناقهم بدخان مدفأة في منزلهم الواقع في ناحية برطلة شرق مدينة الموصل شمال العراق، والتي تشهد تدنياً كبيراً في درجات الحرارة. وقال مصدر في دائرة الطب العدلي في الموصل: إن أفراد العائلة الأربعة «توفوا اختناقاً بدخان مدفأة أبقوها تعمل طوال الليل». ويتعرض العراق إلى موجة شديدة البرودة، حيث تدنت درجات الحرارة إلى معدلات قياسية في بعض المناطق، ومن بينها الموصل والنواحي المحيطة بها.
الأكثر تضرراً
وأفادت منظمات الإغاثة الدولية أن اللاجئين السوريين وسكان غزة كانوا أكثر المتضررين من العاصفة. فقد زادت العواصف والثلوج من معاناة السوريين، سواء ممن نزحوا داخل البلاد أو من الذين لجؤوا إلى الخارج، فيما تعمل منظمات الإغاثة على مدار الساعة، على توزيع المواد الغذائية على النازحين واللاجئين، لكنها لا تستطيع تلبية جميع الاحتياجات. وفي هذا السياق، توفي طفل سوري من جراء حريق اندلع في الخيمة التي يقيم فيها مع عائلته قرب مدينة صور في جنوب لبنان.
محاولات لبنانية
تتابع السلطات اللبنانية محاولاتها من أجل فتح مسارات آمنة وسط الثلوج التي تساقطت بكثافة، وتسببت في إغلاق معظم الشوارع الرئيسة.
ويتوقع أن يستمر انخفاض درجات الحرارة على الرغم من انحسار العاصفة.
– البيان