سامي الريامي
شركات القطاع الخاص لن تسهم بشكل فاعل في تحمّل المسؤولية المجتمعية، هذه حقيقة شبه مؤكدة، لا خلاف عليها، رغم بعض الإسهامات البسيطة جداً، هنا وهناك، التي لا يمكن أن تذكر مقارنة بحجم أعداد وأرباح هذه الشركات الضخمة العاملة بالدولة.
كما لا يمكن لهذه الشركات الإسهام بفاعلية في توظيف المواطنين، أو تحمّل جزء من الأعباء الضخمة الملقاة على عاتق الحكومة في هذا الشأن، وهي إن أعلنت على استحياء عن إسهامها في توظيف المواطنين، فإنها تفعل ذلك تحت وطأة الضغوط الناعمة من الدولة، وما تلبث أن تبحث عن وسائل للتحايل، وعدم الاستمرارية بجدية، لتوظيف شباب الإمارات.
«تعلن الشركات الخاصة، على استحياء، عن إسهامها في توظيف المواطنين، تحت وطأة الضغوط الناعمة من الدولة، وما تلبث أن تبحث عن وسائل للتحايل».
باختصار لن تشعر شركات القطاع الخاص الضخمة، الأجنبية قبل الوطنية، بأي مسؤولية تجاه المجتمع والدولة ما لم يُطلب منها ذلك، ويُطلب هنا يجب أن تكون في صيغة قوانين إلزامية وليست اختيارية، فالاختيار صيغة جربت على مدار 40 عاماً، ولم نجنِ منها أية نتائج مشجعة!
لا نريد من القطاع الخاص الإسهام في قضايا المجتمع، لكن من حقنا أن نطالب حكومتنا بالتفكير الجدي في فرض ضرائب على هذه الشركات، وهذا الأمر ليس بدعة، بل هو إجراء تطبقه جميع دول العالم، بما فيها دول خليجية قريبة، وربما نحن الاستثناء الوحيد في العالم!
ولا يمكننا أن نظل استثناء مع وجود دورات اقتصادية ينبغي أن تكتمل، وهي في حالة الإمارات غير مكتملة، فالحكومة تهيّئ وسائل الراحة للقطاع الخاص، وتصرف مليارات الدراهم على البنية التحتية، وبرامح التطوير والتسهيل، والشركات الأجنبية تعمل وتجني الأرباح دون مقابل يذكر، فأي معادلة اقتصادية هذه؟!
في الأعوام الماضية، صرفت حكومة الإمارات ما يقارب الـ70 مليار درهم، في أوجه صرف ودعم كثيرة ومتعددة، كلها تسهم في تحسين وتطوير وإنشاء مشروعات، لمصلحة تحسين أعمال القطاع الخاص، فما مردود ذلك؟! وما الذي قدمته شركات القطاع الخاص إلى الحكومة نظير هذا المبلغ؟ لا شيء سوى مجموعة رسوم لا تقارن بأي نسبة من إجمالي المبالغ المصروفة من الحكومة!
هناك لا منطق في طبيعة العلاقة بين الحكومة وشركات القطاع الخاص الضخمة، ولا منطق في علاقة هذه الشركات بالمجتمع والبلد وأهل البلد، لذا لابد أن تتدخل الحكومة وتطلب حقها الطبيعي، الذي يؤيدها فيه جميع الاقتصاديين المحايدين، وحتى صندوق النقد الدولي، الذي يشجع فرض ضرائب على الشركات استكمالاً للدورة الاقتصادية الطبيعية!
لن تؤثر ضريبة بنسبة 5% مثلاً في أرباح الشركات، فهي ظلت طوال السنوات الماضية تجني أرباحاً غير محددة السقف، وأموالاً مفتوحة دون قيد أو شرط، فهي تضع هامش الربح الذي تريد، في الوقت الذي تريد، والمجتمع يدفع، والدولة تبني، وهي المستفيد الأكبر!
حان الوقت لأن تطلب الحكومة من هذا القطاع مقابلاً، وحان الوقت لأن نصبح مثل بقية دول العالم، ومن يدّعِ أنه قد يتقلص حجم الأعمال، في حال فرض ضريبة 5% على الشركات، فإنه واهم لسببين: ما تجده هذه الشركات من خدمات وتسهيلات، لن تجدها في مكان آخر، هذا أولاً، وحجم أرباحها الضخمة في الإمارات لن يتأثر بهذه النسبة الضئيلة ثانياً، ومن يرد التمتع بخدمات «سبع نجوم»، فعليه أن يدفع نظير ذلك، هذا هو العدل، وهذا هو المنطق!
الامارات اليوم