محمد الجوكر

تظل كرة القدم، هي اللعبة الأكثر اهتماماً واستحواذاً من بقية الأنشطة والرياضات المختلفة، حتى ولو خرجت بعض الألعاب لتنافس تلك اللعبة (المجنونة)، إلا أنها تبقى قوية بجماهيريتها وشعبيتها، فما تصرفه الدول يفوق عشرات الأضعاف مما تصرف على الألعاب الشهيدة الأخرى، ولهذا، نجد أن أخبار الكرة هذه الأيام مسيطرة على الكل، الصغير والكبير..
وللأسف، أصبحت ظاهرة تشجيع الطلبة الصغار والجلوس بين الجماهير تقلقني، وسنتناول يوماً هذه الظاهرة بشكل أوسع، ونعود للعبة الجماهيرية، حيث يركز عليها الإعلام محلياً وعربياً ودولياً، نظراً لمكانتها وأهميتها بين شعوب العالم، وما نصرفه نحن في الخليج، يفوق مئات الملايين، على الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة في هذا المجال الحيوي المهم، إلا أن التكهنات تشير إلى أن الرقم كبير وخيالي، لا يتوقعه أحد، فالصرف وحده على (الكرة) يكلف خزائن الحكومات وموازنات جهات الدعم، الكثير، من خلال التعاقدات مع اللاعبين والمدربين وخلافه، للاستعانة بخبراتهم في دوري المحترفين لكرة القدم..
والذي يدخل من حصته مبالغ كبيرة لدعم الأندية، عبر النقل التلفزيوني، إلا أن التحدي في دوري الخليج العربي للكرة، واضح في المقدمة، والذي يتصدره «الفرسان»، الذين فازوا بعد معاناة شديدة أمس الأول على فريق دبي المكافح، ولعبت المهارة والخبرة الأهلاوية في التقدم وإيقاف مغامرة «أسود العوير»، بينما الصراع في المؤخرة بدأ مبكراً، ومن هنا، نجد أن الأجواء التنافسية قوية بين الفرق في القمة والقاع.
ونعود إلى بيت القصيد، ونقول إن عملية الصرف غير واضحة المعالم، من ناحية الأرقام في الصرف، حيث تتم بصورة مبالغ فيها، ولهذا، نتوقع أن يزيد على الرقم الذي نصرفه على الكرة في بلادنا، وأتمنى من الجهات المالية عمل دراسة لحصر ما نصرفه على الكرة فقط، ونترك بقية الألعاب الأخرى لحالها، لأنها لا تقارن بالساحرة المستديرة!!، وبالأمس، أعلن مجلس دبي الرياضي، عبر قرار واضح، الرقم المالي لدعم القطاعات الرياضية في إمارة دبي لعام 2014، والبالغة 442 مليوناً و100 ألف درهم، بزيادة أكثر من 30 مليون درهم، أي ما يعادل 8 في المئة عن موازنة عام 2013، وهي أرقام مشجعة لدعم الأندية التي تمتلكها الحكومة.
ونحن لا نريد أن ندخل في قضايا تفصيلية مالية، لأننا لن نصل إلى نهاية أو حل، فالموضوع كبير ومهم، وبحاجة إلى أناس متخصصين، وقد قرأنا تصريحات لمسؤولين عن الكرة الخليجية في الآونة الأخيرة، عما تصرفه الدول على كرة القدم فقط، حيث تساوي ميزانيات، لبعض الدول الكبيرة والغنية، وليست الفقيرة في عضوية الأمم المتحدة!، وهذه حقيقة لست مبالغاً فيها..
ولا تستغربوا، ونحمد الله أن منطقتنا تتمتع بالخير والنعمة والاستقرار، بفضل دعم ومتابعة كبار المسؤولين، من خلال تواصلهم وتشجيعهم للرياضيين المجتهدين، الذين يحققون النتائج المشرفة للرياضة الخليجية عامة، والكرة على وجه الخصوص، فالتقديرات المحلية تؤكد أن نادياً واحداً، على سبيل المثال، يصرف في دوري المحترفين فقط ما يقارب الـ 300 مليون درهم، من خلال ما سمعته من بعض المهتمين في المجال الكروي..
حيث تقوم معظم أنديتنا بتغييرات مستمرة للاعبيها الأجانب والمواطنين، خلال فترة ما يسمى الانتقالات الصيفية والشتوية، لـ 14 فريقاً في دوري الخليج العربي، فهذه الأرقام المالية مخيفة للغاية، لكنها حقيقية، وتقلقنا، والأكثر خطورة، أن يتسبب أحد هؤلاء «الهوامير»، الذي يأكلون «الأخضر واليابس»..
وبالأخص اللاعبون الأجانب من تصرفات غير أخلاقية، كما حصل من إشارة لاعب الجزيرة نيلسون فالديز، التي تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، وفضحته كاميرات التلفزيون، ما دعا إلى أن يصدر نادي الجزيرة قراراً فورياً سريعاً بإيقاف اللاعب المتهور، لسوء تصرفه وسلوكه، فالإدارة الجزراوية لا تقبل من يشوه دورينا، فلهم التحية لهذا الموقف السريع تجاه تلك الأساليب التي يجب ألا نراها في ملاعبنا..
وهذه مسؤولية تقع علينا جميعاً، سواء إداريين أو إعلاميين أو لاعبين أو مشرفيين أو منسقين، وما أكثر من يدخل (يده) في الكرة هذه الأيام، بعد أن أصبحت «حارة لكل من (ايده اله)، فالعملية تحتاج إلى نظام صارم ودقيق، وبالأخص التمسك والتشدد بالأخلاقيات، خاصة إذا كان من اللاعبين الأجانب الذين يتقاضون راتباً قد يفوق، في أحيان كثيرة، راتب أكبر وزير عربي!!.. والله من وراء القصد.

البيان