الفجيرة نيوز- (ناهد عبدالله)
اختتم مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما يوم الإثنين 27 يناير الجاري عروضه المسرحية بالعمل المونودرامي المسرحي “شكل الإنسان 1” والذي عرض على خشبة مسرح جمعية دبا بمدينة دبا الفجيرة بحضور جماهيري لافت، والمسرحية من تأليف وإخراج وتمثيل ميناكو سيكي من ألمانيا بالتعاون مع فرقة شركة ميناكو سيكي للإنتاج.
وفي هذا العرض تحاول سيكي البحث عن شكل الإنسان الحقيقي بالاستعانة بخمس دراسات تبحث في هوية الأجسام أو الأشياء التي يمكن أن تحمل شكل الإنسان، فتبدأ الدراسة بجسم الإنسان وتمتد إلى الدمى والروبوتات والجثث والأرواح المعنوية.
تقول سيكي “أردت أن أطمس الحدود بين جسم الإنسان والجسم الصناعي بحيث لا يمكننا أن نفرق بين الخيال والواقع، وهنا يصبح جسم الإنسان مجرد دمية لا أكثر، وبتجريده إلى مجرد شكل فإنني أحاول الوصول إلى الفضاء الحدي بين الواقع المادي والواقع الاصطناعي”.
وبعد انتهاء العرض عقدت اللجنة المنظمة للمهرجان الندوة التطبيقية لعرض مسرحية “شكل الإنسان 1″، حيث أدار الندوة الأستاذ نبيل نجم، وقال في كلمته “إن الجسم يسرح في عالم الأرواح لعلها تمحو الفواصل والحدود بين الحقيقة والخيال بحيث يصبح جسم الإنسان دمية بلا روح، فتحلق في فضاء الإنسان الحقيقي والاصطناعي، ما يجعلنا نتساءل هل يقع الواقع المادي أسيرا للواقع الاصطناعي فيصبح مجرد شكل لا أكثر؟، وهذا هو محور العرض”.
ومن ثم فتح المجال للنقاد والحضور للتعليق على العرض حيث قال أحد النقاد “أنا أشفق على الممثلة لأني أتساءل مالذي يمكن أن تقدمه بعد هذا العرض المكتمل، وبتصوري أن هذا العرض يصلح أن يعرض في كل مكان لأنه يتحدث بكل بساطة عن الإنسان”، وقال أ.حسام عبدالهادي من مصر “رغم الأداء الرائع وتفاصيل العمل الدقيقة إلا أن هذا العمل لا ينتمي إلى المونودراما لأنه افتقد عنصرا مهما من عناصر المونودراما وهو النص، وهذا لا يمنع أن العمل كان بارعا وهو أحد مفاجآت مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، وإن كل تفاصيله كانت مدروسة والحركة والإضاءة والبؤرة كانت محسوبة بالثانية، وهو يشير إلى معاناة الإنسان من القهر والاستبداد عندما بدأت بالروبوت ومن ثم تمردت عليه لتطهر نفسها من العالم الاصطناعي فخلعت رداء الروبوت لتتخلص من الوهم الذي كانت تعيشه”.
وقال الفنان حبيب المسعود “إن هذا العمل كان مجهودا أنثويا واضحا فقد وفقت سيكي في توظيف الإيماءات والايحاءات ببراعة وبفن عبقري وكأن هذا العرض ينفي بقوة مقولة أن الفن في زمن العولمة فقد الهالة الفنية المقدسة”.
ومن جانبه أشار الفنان يوسف الحمدان من البحرين الى أن العرض كان اختبارا حقيقيا لصمت الجمهور حيث كان أبلغ من الكلام، وجاء الأداء بحرفية غير اعتيادية، وإن سيكي ذهبت إلى تفاصيل تفاصيل الجسد وكأنها تبحث عن روح أخرى داخل ذلك الجسد كما كان هناك تمردا حتى على الجسد على افتراض أن الجسد كان سجنا لهذه الروح، والغريب في الأداء أن سيكي كانت تحرك نصف الجسد في حين أن النصف الآخر كان متوقفا تماما، وإن شكل الكائن الذي تقمصته أشبه بالعنكبوت عندما ينسج ويفكك، فشعرنا وكأن هذا الجسد كان ينمو بالمسرح ليخرج من بحر الفضاء، ويصعب على الجمهور وضع تصور وتوقعات لتحركات هذا الكائن على خلاف العروض الأخرى التي كنا نستطيع أن نتوقع تحركاتها في الدقائق القادمة، وهنا يمكنني أن أقول أنه ينبغي حقا أن نتجرد على هذا الجسد، كما أشير إلى العناية الفائقة في اختيار الموسيقى التي احترمت دواخل الكائن الغريب”.
اما عزيز خيون المخرج والممثل والباحث المسرحي العراقي “أوضح أن عرض اليوم لم يكن يبحث عن معنى لكنه قدم لوحة مثيرة تضعك في محاولات للبحث عن المعنى، وقد أثار هذا العمل جدلا في بغداد لكن يبدو أن هذه العروض قد لا يكتب لها أن ترى النور في بعض الدول العربية، إلا أن الجسد الأوربي حل هذه الإشكالية وبقينا نحن العرب متقوقعين في داخل أجسادنا، فهذا العرض يحتاج إلى متلقي خاص ليتفاعل مع العمل”.
واختلف أ.عزيز خيون مع أ.حسام عبدالهادي حين قال “بأن هذا العرض يعتبر فنا مونودراميا لأنها نطقت بجسدها على خلاف ما قاله أ.حسام عبدالهادي أنه يفتقر إلى النص ولهذا لا ينتمي إلى المونودراما”، واتفق رأي آخر أيضا مع أ.عزيز خيون عندما قال “إن سيكي حاولت أن تخلع الرداء الاصطناعي وبدأت بالصراخ وهذا هو الحوار وهذه الصرخة هي خروج من ظلام الصمت”.
ومن جهتها قالت الممثلة علا جابر من العراق “اليوم رأيت لغة جسد عالية جدا لدرجة أني شعرت وكأني كنت أمثل معها الدور، وكان الجسد محتشما وليس الجسد العاري الذي نشاهده في الكثير من الأعمال الفنية، وأتمنى أن يستغل الفن الخليجي لغة الجسد لأن هذه اللغة غير حية خاصة في الدراما الخليجية”.
وتعقيبا على ما قاله النقاد قالت سيكي “في هذا العمل قمت بكتابة قصة من خلال جسدي وهذا هو النص فالمخرج عندما يعجب بالنص يضيف عليه أدواته الإبداعية الخاصة، وسواء أعجب المشاهد بالقصة أو لم يعجب بها فإنه يكون مفردات عن العمل، وإنني أتعامل مع الجسد من خلال العقل، وأخيرا قد أعجبت بالكثير من العروض التي قدمت بالمهرجان”.
ويختتم المهرجان دورته السادسة بالحفل الختامي الذي سيقام بفندق مريديان العقة بمدينة دبا الفجيرة مساء اليوم الثلاثاء 28 يناير بمشاركة فرقة الفجيرة للموسيقى العربية وحضور واسع من ضيوف المهرجان.
ويذكر أن مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما قدم 13 عرضا مسرحيا بمشاركة عدد كبير من الدول العربية والأجنبية، وقد حظيت عروض المهرجان بجماهيرية كبيرة من الفنانين والنقاد والمسرحيين والمتخصصين والهواة والموهوبين، كما شهدت العروض تغطية إعلامية واسعة من بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية مثل موقع الفجيرة نيوز الذي خصص مساحة خاصة بفعاليات المهرجان ينقل عبرها الفعاليات أولا بأول، إلى جانب جريدة الخليج والبيان والاتحاد وتلفزيون وإذاعة الفجيرة وتلفزيون سما دبي وروتانا والشارقة وموقع الجريدة الكويتي وبعض الصحف من الجزائر وبعض الدول العربية والاجنبية وتلفزيون الوطن الكويتي وقناة النيل الازق السودانية وبعض القنوات الفضائية من مصروالاردن .