علي أبو الريش

بعد عشرة أشهر، من العرقلة والبلبلة والقلقلة والجلجلة استطاعت عجلة تمام سلام رئيس الحكومة اللبنانية، من الدفع إلى الأمام بثمانية سلندر «8 – 8 – 8» واستطاع كل فريق من الفرقاء أن يقطع من الرغيف اللبناني ما يناسبه ويرضيه، ولكن الفرقاء يعرفون جيداً، أن الاتفاق والوفاق ورفع الأعناق يغيظ كثيرين من الأقرباء والأبعدين ولن يكون هذا التداخل اللبناني، وصفاً مريحاً للذين يتربصون ويترقبون ويرتجفون كلما أشرقت شمس لبنان من خلف الثلوج السياسية الحارقة ومن بين ضباب ويباب واستلاب واقتضاب وأنياب تغرس أنصالها في هذا الجسد الجميل الذي أنهكته الضواري والحواري الملتهبة فلبنان اليوم أمام امتحان صعب وعسير ولا بد للذين يحبون لبنان والذين يعشقون ترابه كما أحبته فيروز ومارسيل خليفة، لا يجب أن يغمضوا العيون عن العيون المفتوحة والمبحلقة باتجاههم، وأي اتفاق بين الأخوة الأشقاء سوف تغفر له أفواه وتعقد من أجله شبكات تخريب وتهريب وتسريب للحقائق لأن البعض لا يريد للبنان أن يصير معافى مشافى من الضغائن والمحن، بل يريده هكذا ممزقاً متفرقاً مأزوماً مكظوماً مهموماً مكلوماً يعاني من الفرقة والشتات ولا يهدأ له مضجع.. يريدونه كذلك لأنهم يعتاشون على خراب لبنان وأزماته المتلاحقة ويحققون من ورائها مكاسب شخصية وحزبية، وأجندات ما أنزل الله بها من سلطان فهذا هو البهتان وهذا هو الطغيان وهذا هو النكران الذي عانى منه لبنان على مدى عقدين من الزمن أو أكثر لأن الخنافس لا تحبذ العيش إلا في الأماكن القذرة ولأن الوحوش لا تعيش إلا في الغابات الموحشة ولأن أصحاب القلوب «السوداء» يضربون الصدور أسفاً وتحسفاً عندما يوشك لبنان على التعافي.. كل هذا يستدعي من كل لبناني شريف أن يضع حداً لتصديق الأكاذيب، وأن يضع مصلحة لبنان نصب عينيه وأن يؤثر حب لبنان على أي حب حزبي أو طائفي، وأن يقف نداً وصداً وحداً ورداً لكل من تسول له نفسه ويفكر في تعكير صفاء الليطاني، أو العبث ببياض جبال الجنوب وأن يفكر في لبنان من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ولا عليه من الخدع البصرية التي يطلقها البعض لتحقيق نوايا مبيتة سامة، لسم الأفاعي مميتة كلدغة العقارب.. لبنان بلد جميل، ويزداد جمالاً عندما يتخلص من مشعوذي السياسة، ومشوهي المشهد بأعلام أسود من الليل، أتفه من أجنحة البعوض..