فضيلة المعيني
لم يكن هناك داع لأن تنفي شرطة دبي صحة شائعة تداولها البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول مقتل 3 مواطنين، ضحك عليهم أطفال صغار ادعوا أنهم ضلوا طريقهم في العودة للمنزل، ويحفظون أرقام هواتف أشخاص يزعمون أنها تعود لذويهم، يتضح فيما بعد أنهم وقعوا فريسة عصابة تقتلهم وتسرق أعضاءهم.
أما لماذا لم يكن هناك داع فليس لأن الرواية ضعيفة في حبكتها وبنيتها الدرامية فحسب، بل لأنها بعيدة عن المنطق ولا يصدقها العقل، تنم عن سذاجة مروجها ومن يصدق مثل هذه الخرافات والتخاريف، وضيق أفق لا تتفق أبداً مع عقليات تحيا في دولة عصرية مثل الإمارات، تنعم بالأمن والأمان، يغمض المرء فيها ملء جفنيه هانئاً قريراً وبوابة منزله مشرعة حتى ما بعد منتصف الليل.
أي كلام هذا الذي يثير الضحك والاشمئزاز يروجه البعض في مدن لا تنام، ليلها كالنهار، لا تهدأ فيها الحركة، والجميع إن كان راكباً أو راجلاً في حي سكني أم تجمعات تجارية أو غيرها يسير مطمئناً لا يخشى تعرضه لأي سوء.
لكن يبقى السؤال من ذا الذي تسول له نفسه عمداً أو جهلاً وجرياً وراء خبر ظنه مثيراً تلقفه جهاز هاتفه فسارع بلا عقل أو تفكير لإعادة إرساله، وهكذا من هذا إلى ذاك، كل يعيد الإرسال دون أن يتوقف لحظة عند ما يمكن تصديقه وما لا يستحق حتى القراءة، لكنها تجد مع الأسف من يرددها ويروج لها حتى وإن كانت إشاعات ساذجة، كتلك التي روج لها البعض، ربما لتحقيق مآرب في نفوسهم، لكن ليس مثل هذه التي يمكن أن تتمكن من تقويض الأمن في البلاد أو حتى مس شعرة منه.
ويبقى كذلك وجمهور الشباب المتعلم والمحب لوطنه وأمنه ومن فيه، لماذا لا يقف صخرة كبيرة تتعثر أمامها هذه المحاولات ويذودون بالسلاح نفسه عن أمن وطنهم، ويخيبون آمال مروجي الإشاعات، ولماذا لا يكونون سداً قوياً يمنع انتشار مثل هذه الأقاويل، بدلاً من المساهمة في ترويجها.
ينبغي أن تكون ثقتنا بأمننا والجهات التي ترعاه أقوى، ومصدر مثل هذه المعلومات تكون السلطات الرسمية لا رسائل تتطاير عبر أجهزة الاتصال، بل يجب أن تكون هذه القناعات من قيم وثوابت لا تهزها رسالة مجهولة المصدر.
البيان