دان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، بأشد العبارات، التفجير الإرهابي الإجرامي الذي استهدف أمس فريقاً للتطعيم ضد شلل الأطفال، شمال غرب باكستان، ولقي خلاله 12 من قوات الأمن الباكستانيين مصرعهم، وأصيب نحو 12 آخرين.
وأكد سموه في تصريح لوكالة أنباء الإمارات، أن هذا التفجير الإرهابي يكشف عن الطبيعة اللإنسانية لمرتكبيه، معرباً في الوقت نفسه عن تضامن الإمارات العربية المتحدة مع الحكومة الباكستانية، ووقوفها إلى جانبها في مواجهة هذا الإرهاب الأسود.
ودعا سموه في ختام تصريحه، مختلف الدول إلى التضامن فيما بينها للتصدي للإرهاب بكل صوره وأشكاله، وأعرب عن تعازيه للحكومة الباكستانية وأسر الضحايا، وعن تمنياته بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
وكانت السلطات الباكستانية قد أعلنت أمس مقتل 12 شخصاً على الأقل بهجوم على فريق للتلقيح ضد شلل الأطفال في شمال غرب باكستان. فيما أعلنت حركة طالبان باكستان موافقتها على وقف لإطلاق النار لمدة شهر، ما أعاد الأمل باستئناف مفاوضات السلام مع الحكومة الباكستانية للتوصل إلى حل سلمي يوقف سبعة أعوام من التمرد المسلح.
وانفجرت ثلاث قنابل لدى مرور قافلة فريق التلقيح الذي كان يتولى حمايته عناصر مسلحة في منطقة خيبر القبلية، معقل طالبان، على مقربة من الحدود الأفغانية.
وحسب مسؤول محلي باكستاني كبير، فقد قُتل أحد عشر مسلحاً من الفريق الذي يحمي العاملين الصحيين وطفل، كما قال جهانجير خان الذي تحدث أيضاً عن أحد عشر جريحاً في هذا الهجوم الجديد الذي لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه، لكنه وقع فيما توقفت محادثات السلام بين حركة طالبان الباكستانية والحكومة الباكستانية منذ حوالي الأسبوعين.
ومنذ توقف محادثات السلام هذه، كثف الجيش الباكستاني الغارات الجوية على مواقع المتمردين، فقتل مئة عنصر على الأقل من طالبان، كما ذكرت مصادر عسكرية.
ويشهد شلل الأطفال تراجعاً على المستوى العالمي، لكنه ما زال متجذراً في ثلاث بلدان، هي باكستان وأفغانستان ونيجيريا. لكن باكستان هي الوحيدة من هذه البلدان الثلاث التي ارتفع فيها عدد الإصابات بين 2012 و2013 من 58 إلى 91 إصابة، كما ذكرت المنظمة العالمية للصحة.
إلا أن المنظمة العالمية للصحة أعلنت أخيراً مدينة بيشاور في شمال غرب باكستان القريبة من أفغانستان، «أكبر خزان عالمي» لحالات شلل الأطفال، داعية إلى تكثيف التلقيح فيها على رغم العوائق.
والجهود لاستئصال هذا المرض منها ما زالت تعرقلها الهجمات الدامية للمجموعات المتمردة، خصوصاً طالبان، أو معارضة المجموعات المحافظة لحملات التلقيح التي تقول إنها «أسلوب غربي للقضاء على نسل المسلمين» عن طريق التسبب بالعقم بوساطة المطاعيم. كما أنهم يعتبرونها غطاء لأنشطة تجسس غربية.
وقد قتل ما يفوق الأربعين شخصاً معظمهم من أعضاء في فرق التلقيح أو عناصر في قوات الأمن الذين كانوا يرافقونهم منذ سنة ونصف السنة في باكستان.
وأعلنت حركة طالبان باكستان أمس موافقتها على وقف لإطلاق النار لمدة شهر، ما أعاد الأمل باستئناف مفاوضات السلام مع الحكومة الباكستانية للتوصل إلى حل سلمي يوقف سبعة أعوام من التمرد المسلح.
وكان رئيس الحكومة نواز شريف قد أعاد في يناير الماضي إطلاق عملية السلام مع المتمردين من حركة طالبان باكستان التي تضم فصائل متشددة مسلحة مسؤولة عن مئات الاعتداءات الدامية منذ إنشائها عام 2007.
وكان الطرفان باشرا مطلع فبراير محادثات رسمية لم توقف المواجهات العسكرية على الأرض لأنه لم يتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار. وعندما قام فصيل مسلح تابع لطالبان قبل أسبوعين بإعدام 23 عنصراً من الميليشيات التابعة للحكومة، علقت السلطات الباكستانية الحوار وكثفت الغارات الجوية على معاقل المتشددين، ما أدى إلى مقتل نحو مئة عنصر من طالبان، وإجبار مئات العائلات على النزوح.
وبشكل مفاجئ، أعلنت طالبان أمس وقفاً لإطلاق النار من دون شروط، الأمر الذي كانت ترفضه حتى الآن. وقال المتحدث الرسمي باسم طالبان باكستان شهيد الله شهيد «نعلن وقفاً لإطلاق النار يستمر شهراً ابتداء من اليوم، وندعو جميع رفاقنا إلى احترام هذا القرار خلال هذه الفترة».
وعلق امتياز غول مدير مركز الأبحاث حول المسائل الأمنية في إسلام آباد على هذا الموقف لطالبان بالقول «يبدو أن طالبان أُجبرت على إعلان وقف لإطلاق النار إثر الغارات الجوية على معاقلها التي أوقعت في صفوفها خسائر جسيمة»، مضيفا أن طالبان «تعتبر وقف إطلاق النار أفضل من مواصلة الجيش لهجماته».

الاتحاد