علي أبو الريش

طارق الشحي، تودعك الإمارات وأنت المزمل بالرداء الأبيض، أنت الملفوف والمحفوف والمسقوف والمصفوف في رحاب الشهداء والصديقين بين يدي الحكيم العليم الرحيم العظيم، تودعك الإمارات حضنك وشجنك ووطنك، وحبك الذي أديت الواجب من أجله وأجل الإنسانية والمبادئ السامية، مواجهاً بصدر ملؤه الحب والانتماء لقيم تحاول أن تدوس عليها حوافر من شقوا الصف بكلف ونزف وعزف خارج السرب، منتمين إلى أنفسهم، وأنانية موغلة في الظلام والظلم، ذاهبين في الحياة الإنسانية إلى مغانم وهمية وعوالم جهنمية، غارقين في بؤس الأيديولوجيا المعتمة سادرين، شاردين من المعاني الجميلة إلى غياهب ومذاهب لا تمت إلى الدين بصلة ولا تتصل بالحقيقة إلا من حيث ما أرادت نفوسهم المريضة أن تصل.

طارق الشحي، الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، تدثرهم جنّات الخلد، وفرحة الأهل والوطن، بمن قدّم الروح رخيصة في سبيل الحق والعدالة، نفيسة في عيون من أحبوا الوطن وعشقوا أبناءه المخلصين الذين لا يساومون في الحق، ولا يداهنون في الحقيقة، ولا يغضون طرفاً ولا يغمضون عيوناً، ساهرين على تأدية الواجب، مضحين مستبسلين من أجل أن يحيا الآخرون في نعيم الأمن والاستقرار والطمأنينة.

طارق الشحي.. كنت في البحرين أو ما بين الرمش والعين، تبقى أنت سيدي الزناد والإسناد والعدة والعتاد، أنت الجملة المفصلة في كتاب التاريخ، القُبلة المجلجلة على شفاه التضاريس، تبقى أنت الصوت والصيت، وجمرة اللظى التي تحرق كل من تغاضى عن حب الوطن، وكل من فرق ومزَّق وأحرق، وسرق، وحدق في عتمة المبادئ البائسة، معتنقاً كذبة عبد الله بن ميمون القداح، منتهجاً سرد الذي كذب وتولى وسار في الدرب أعمى.

طارق الشحي.. دمك المسفوح سيدي، النهر الذي سترتوي منه ضمائرنا، الماء العذب الذي سيعيد لكل غافل يقظته، ويحيي عظام الذين ترمموا في مقابر الشعوذة والانهيارات الأخلاقية، والسقوط في أوحال العدمية والعبثية.

طارق الشحي.. هذا الوطن جدير بأن ينجب الرجال الذين يحذون حذوك، ويسيرون في طريقك، بطلاً إماراتياً من الصحراء الكريمة، والنخلة المقدسة، هذا الوطن الذي ينجب الأبطال لا ينسى من يكتبون أسماءهم في صفحات التاريخ، لأجل ذاكرة لا تغفل الأفذاذ، لا تتخلى عن حبرها وخبرها، وجذرها وسبرها.

– الاتحاد