لم يعد هناك مجال للشك، أن الهواتف الذكية مختلفة الأنواع والأشكال، والتي تمتاز بذكائها الصناعي الفائق، باتت اليوم عرضة لاختراقات الهاكرز أو برامجهم وتطبيقاتهم الذكية الخبيثة، مما يجعل كل ما بها من مواد شخصية وملفات خاصة، وكل ما عليها من حسابات بنكية أو سرية، عرضة للسرقة أو المراقبة من قبل أطراف غير معروفي الهوية، أو حتى من قبل جهات سرية تهدف إلى جمع أكبر قدر من المعلومات حول مستخدمي هذه الأجهزة في العالم.
بعد صفقة الاستحواذ التي مازالت غير مطبقة على أرض الواقع، بين أشهر شركات التواصل الاجتماعية الإلكترونية قاطبة، والتي من خلالها ستضع شركة «فيسبوك» يدها على ما يصل إلى نصف مليار مستخدم نشط في تطبيق المراسلات الفورية «واتس أب». بدأ الكثير من المستخدمين يثيرون قضايا الأمن والسرية والخصوصية الشخصية، عالياً وراح بعضهم بالتكهن إلى أنه لم تعد هنالك خصوصية على مثل هذه التطبيقات.
وهو ذات الحال الذي بدأت به الكثير من الشركات الأمنية التكنولوجية، والتي بدأ بعضها بتوجيه أصابع الاتهام باختراق خصوصية المستخدمين في بعض الأجهزة الذكية، وسارع بعضها الآخر تزامناً مع تسريب سنودن لفضائح بعض الحكومات، وقضايا التجسس واختراق الخصوصية، من ابتكار هواتف ذكية يصعب اختراقها، تكون مخصصة بشكل مباشر للموظفين، الذين يتعاملون مع مواد سرية، غاية في الأهمية.
هاتف سنودن
ما جاء به سنودن الموظف السابق لوكالة الأمن القومي الأميركية، من تسريبات خطيرة، وجهت أصابع الاتهام للكثير من الدول في التجسس على دول أخرى أو على شعوبها، أثار حفيظة الشركة الأميركية «فريدم بوب» المتخصصة في خدمات البيانات المحمولة، وذلك من خلال إعلانها مؤخراً عن إطلاقها أول هواتفها الذكية «هاتف سنودن»، تيمناً بسنودن، ورغبة منها بأن يكون هذا الهاتف الجديد، هو الجهاز المثالي لحماية خصوصية المستخدمين من الاختراق الخارجي بغض النظر عن نوعه، إن كان شخصياً أو على مستوى حكومات الدول وبرامج التجسس.
الهاتف الأمني الجديد الذي يأخذ الاسم «فريدم برايفاسي فون»، يأتي بنسخة معدلة ومخصصة بشكل كامل من نظام التشغيل أندرويد، تأتي بتعديلات جذرية فيما يتعلق بنظام التشغيل والإقلاع، بالإضافة إلى أنها مزودة بخدمة «برايفت واي فاي»، القادرة أيضاً على حماية مواد الجهاز المختلة حتى عند الاتصال بالإنترنت الخارجي.
وتعمل خدمة الاتصال بالإنترنت هذه، على نفس مبدأ الاتصال بالشبكات الافتراضية الخاصة، ما يطلق عليها اسم VPN، والتي تضمن للمستخدمين لها والمتصلين بالإنترنت، تشفير كامل لجميع البيانات الصادرة والواردة من وعلى هواتفهم وذلك بصورة افتراضية، مما يجعل عمليات الاختراق لهذه الأجهزة شبه مستحيلة، لضمان أقصى درجات السرية والخصوصية. وبحسب الشركة، فإنها استخدمت تقنيات تشفير تمتاز بدرجتها العالية من الخصوصية والحماية، لدرجة يصعب لجهات أمنية مثل وكالة الأمن القومي الأميركية اختراقها.
ما بعد سنودن
شكلت تسريبات سنودن للكثير من الشركات العالمية خصوصاً التكنولوجية منها، صدمة كبيرة، كشفت للكثير منها، أنها ورغم ما تمتاز بها من حماية للخصوصية والسرية، مازالت ضعيفة وسهلة الاختراق على بعض أجهزة الدول الخارجية. وهو ما جعل شركة الاتصالات الألمانية دويتشه تليكوم أيضاً لطرح تطبيق للهواتف الذكية يقوم بتشفير الرسائل الصوتية والنصية، لتصبح بذلك أول شركة كبرى لخدمات الهواتف المتحركة تطرح منتجاً من هذا النوع لكل عملائها.
كما أعلنت الشركة الألمانية عن هاتف ذكي أطلقت عليه اسم «سيمكو 3»، قادر على تشفير رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية والصور والتسجيلات الصوتية والمكالمات الهاتفية الخاصة بالمستخدم للهاتف والذي يقوم بإرسالها إلى غيره من المستخدمين أو جهات الاتصال التابعين له في تطبيقات الهاتف المختلة. المشروع الذي يعتمد في الأساس على تقديم تطبيقات مجانية للاتصالات الآمنة عبر الهواتف الذكية والكمبيوترات اللوحية، من خلال تطبيق «تور» الإلكتروني، يهدف لمساعدة منظمات حقوق الإنسان والصحفيين على التواصل بشكل آمن في البيئات المعادية. حيث أكد القائم على المشروع ومؤسسه نيثان فريتاس أنه تم تنزيل مليوني نسخة من تطبيق «تور» لمستخدمي الأجهزة العاملة بنظام التشغيل أندرويد. والذي من خلاله يستطيع المستخدم الوصول إلى مواقع الإنترنت مثل «تويتر وفيسبوك» متجاوزاً المراقبة الحكومية. وأشار فريتاس إلى أنه زاد الاهتمام بالتطبيق في الآونة الأخيرة في أوكرانيا وتركيا وفيتنام وفنزويلا.
شركة سويسكوم
قامت شركة الاتصالات السويسرية «سويسكوم» مؤخراً بكشفها عن عدد مرات تحميل تطبيقها الأمني الخاص «آي أو»، المخصصة للتراسل الفوري، ويقوم التطبيق بتشفير الرسائل والمكالمات بين المستخدمين، ومن ثم تخزينها في خوادم موجودة في سويسرا. وذلك تماماً كخدمات «ماي إنيجما» و«ثريما» السويسريتين أيضاً والخاصتين بالتراسل الفوري عبر الهواتف المتحركة، واللذين يقومان أيضاً بتشفير رسائل المستخدمين لهذه التطبيقات.
هواتف شركات الطيران
من المعروف أن شركة بوينج الأميركية هي إحدى أكبر شركات إنتاج وتصنيع الطائرات في العالم، إلا أن الشركة رغبت بأن تدخل سوق الهواتف الذكية بطريقتها الخاصة، من خلال كشفها مؤخراً عن أول هواتفها الذكية الآمنة، والتي تمتاز بأن جميع المحادثات والمراسلات الخاصة بها، مشفرة بشكل كامل، بالإضافة إلى أن الهاتف الجديد قادر، وفي حال محاولة فتحه بصورة غير مشروعة، سيقوم بإتلاف نفسه بنفس، ومحو كامل البيانات بداخلة، والنتيجة قطعة من المعدن والأسلاك والبلاستيك لا فائدة منها. ويستهدف هاتف بوينج الذكي الجديد والذي قد يطلق عليه اسم «بلاك»، المستخدمين الذين يرغبون في جعل اتصالاتهم وبياناتهم سرية، وذلك وفقاً للشركة المنتجة وبيانات مقدمة للجنة الاتصالات الاتحادية الأميركية. حيث يعمل الهاتف الأميركي الجديد بنظام التشغيل أندرويد من جوجل، ويمكنه العمل على شريحتي اتصال.
ورغم أن الشركة الأميركية لم تكشف عن مواصفات الهاتف الأمني الجديد، فإنه سيأتي بحسب بعض المصادر المطلقة بالكثير من التقنيات الأمنية المخصصة للهواتف الذكية، مثل خدمات بصمة الصوت والأصابع ونظرة العين، والمفاتيح الحقيقية والتي من شأنها بحسب هذه المصادر تأمين حسابات المستخدمين الخاصة في الإنترنت من السرقة والقرصنة، بالإضافة إلى إنتاج نماذج من الهواتف الذكية المؤمنة بشكل كامل ضد التجسس والاختراق.
الاتحاد