علي أبو الريش
عندما شاع الخبر بأن السفارات سحبت من قطر، شاب القلوب ما شاب أهل روسيا القيصرية، وهي التي وقعت تحت سطوة راسبوتين الساحر والمشعوذ، وفهمنا أن لعبة الإخوان خطوتها الأولى السطو على القرار السياسي لأي دولة، وتحويلها إلى بؤرة خطر تهدد الجيران والخلان، وتمسك بتلابيب الأزمة وتقذفها في كل اتجاه، بحيث لا يشفى مريض من علة ألمت به بعد وقوعه تحت نفوذ من أوهموه بأنهم الذراع اليمنى، لقدراته وطموحاته التي تسعى دائماً الى التغريد خارج السرب لغاية في نفس يعقوب، والبعض يقول، يا الله، وكأنَّ عين الحسد صابتنا، فكنّا متآخين متحابين متآلفين على كلمة سواء، فماذا حدث حتى تمرق قطر، وتشق قميص يوسف من دبر، أهي المصالح الذاتية الضيقة، أم أن احتواء وإيواء راسبوتين، جعل من الدولة القطرية، في مأزق اتخاذ القرار فمن يقرأ التاريخ يفهم جيداً كيف عانت دول أخرى في الستينيات من جماعة راسبوتين. بعد أن أوتهم وحمتهم كفلول مطاردة، لكنهم بعد حين تغلغلوا وتوغلوا وانشغلوا في بسط نفوذهم على أهم مفاصل الدولة ورغم الانتباهة، وإلى غدرهم، إلا أن المعاناة لم تزل آثارها تضرب الأطناب في تلك الدولة لأن آثار المرض لم تزل باقية، كما هي بذور ونثور الجدري.
حبنا لقطر، ولشعبها العزيز على نفوسنا يجعلنا لا نواجه الرجفة بخفة، ولا نؤثر الهروب إلى الخلف، حبنا لقطر ولأهلها وترابها يفرض علينا بأمانة أن نقول بصراحة أن يحذر أهل قطر وأصحاب القرار فيها، من غدر الأيادي الملوثة وكما يقول الشاعر..
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من
غدا يصنع المعروف لغير شاكر
فجماعة الراسبوتيين، لا يسعها إلا أن تضرب الأيادي التي تمتد إليها وتسفد العيون التي ترنو إليها، إنها الجماعة التي لا خل لها ولا دليل، غير مصلحة الجماعة، ونصوصها المتبوعة بالذات الشخصية، لشخص نصب نفسه وصياً على الدين، مُشرعاً في غير أمور الشرع الإسلامي، متفرعاً في شعاب وهضاب وسراب، لا يعود إلا بالوهم على كل من يصدق ولا يتولى عن فكر شيمته التفريق والتمزيق، وحرق مراحل التاريخ ثم رمي أوراقها في مزابل العدمية.. حبنا لقطر يستدعي أن نقول إن القوّة هي أن يعترف الإنسان بأخطائه ثم يصوبها فلا أحد لا يخطئ فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وأعظم الأزمات في المكابرة، والمجاهرة بالخطأ لأغراض قد نعلمها وقد لا نعلمها، لكن في النهاية وضع خرقة الإخوان لغشاء مهترئ لن يُعوِّض قطر بُعدها عن نسيجها ولحمها ودمها..
– الاتحاد