ميساء راشد غدير

على الرغم من الجهود المبذولة في قضية الإحلال والتوطين في دولة الإمارات إلا أن نسب التوطين بشكل عام وفي بعض القطاعات خاصة حتى الآن مازالت مؤسفة ودون طموح القيادة والشعب وبشكل يثير القلق لاسيما اذا كنا نتحدث عن ضرورة التوطين والإحلال في وظائف حيوية واستراتيجية وحرجة، ومازال اعتماد الامارات فيها على الوافدين والأجانب بنسب عالية لا تقل عن 70 في المئة من إعداد العاملين.

من يومين أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات عن أن نسبة التوطين حتى عام 2013 بلغت 80%، بعدد إجمالي بلغ 235 موظفاً من إجمالي القوى العاملة في مكتبي الهيئة في أبوظبي ودبي.

وفي جلسة الوطني الاتحادي الأخيرة صرح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أن نسبة التوطين في مجال السياحة بلغت نحو 2%، من إجمالي العاملين في القطاع السياحي، وأشار إلى التحديات التي تواجه توطين الوظائف السياحية والتي تعمل الجهات المختصة منذ فترة على تجاوزها.

مع احترامنا للأرقام التي أعلنتها هيئة تنظيم الاتصالات إلا أننا نكاد نجزم بأن النسبة تشمل الوظائف الادارية وبعض التخصصات الفنية، ولكن لا تعبر عن قدرة الهيئة على الاستغناء عن غير المواطنين الذين يعتمد عليهم اعتمادا كليا في تنفيذ مشاريع البنى التحتية والمتابعة والصيانة، وهو الامر الذي يفترض أن يدق أجراس التنبيه لدينا فيما لو وجدنا أنفسنا يوماً بدون هؤلاء الموظفين وعجز الموجودين من المواطنين عن تسيير أمور هذا المجال وغيره!

والحديث عن توطين السياحة له أهميته أيضا، فقد تكون الامارات من بين الدول القليلة التي لا يعتمد على أبنائها في التعريف والارشاد السياحي او حتى مجالات العمل فيه، وهو بصراحة ما يفقدنا كمواطنين الكثير من هويتنا امام الملايين الغفيرة التي تدخل الدولة زائرة أو مقيمة للعمل، بل ويشكل خطرا أمنيا على هوية هذا البلد من أناس يعملون في هذا المجال لا يمكن منحهم الثقة كاملة عن التعريف بالدولة أو عند وقوع حوادث تستدعي منهم التضحية بالروح من أجل هذه الأرض.

هناك عوامل تعوق عملية التوطين في مجال الاتصالات والكهرباء وقطاع النفط وباقي مجالات البنى التحتية الميدانية والوظائف “الحرجة” كما يسمونها، وهي العوامل التي تتشابه مع عوامل الابتعاد عن العمل في قطاع السياحة، لكن الواجب الاقتصادي والاجتماعي والحاجة الأمنية وما يحل في العالم حولنا من أزمات وطوارئ تفرض معالجة أي عوامل، وإزالة أي معوقات في سبيل إحلال مواطني الإمارات في وظائف وتخصصات حرجة ولها أهميتها استراتيجياً وأمنيا.

فذلك هو التحدي الاكبر الذي ينبغي الالتفات إليه في أوقات بات العالم كله يعاني فيه من أزمات وطوارئ لا يمكن الركون والاعتماد فيها الا على أبناء الوطن المخلصين الذين يستوعبون حاجة الدولة لهم في جميع المواقع متى استوعب المسؤولون أهمية وجودهم حولهم.

– البيان