حسين درويش

في معرض أبوظبي للكتاب وقفت أمام دور نشر إماراتية عدة، متأملاً حكمة الزمن، الذي جعل من هذه المنطقة النائية عن المراكز التقليدية منطقة إشعاع حضاري، حيث باتت دور النشر الإماراتية في موقع متقدم، قياساً بفترتها الزمنية، فهي دور جديدة تدخل معترك صناعة الكتاب، تلك السلعة التي لا تشكل مصدر دخل، كما هي سلع تجارية أخرى، سلعة تعزز الحس بالانتماء جغرافياً لمن يحبه أهله، فيسعون إلى تعزيز حضوره.

كم هو مفرح أن يتجول المرء في جناح أحد المعارض العربية أو العالمية، وهو يحمل اسم جناح الإمارات، وأسوة بالأجنحة العريقة سيجد القارئ نفسه أمام دار نشر خصوصاً أنها تعرض نتاج أدباء محليين، يضعون خطواتهم على طريق الكتابة، خطوات تبدأ صغيرة، ولكن هدفها الأف ميل.

على مسافة متقاربة توزعت مجموعة من دور النشر ألإماراتية، وبالقرب من أرففها وقف عدد لا بأس به من القراء معظمهم من الفتيات الشابات، حيث تميل كفتهن في هذا المضمار (المرأة تقرأ أكثر من الرجل)، بعضهن يقرأن صفحات، وأخريات يقرأن العناوين، وغيرهن يسارعن لاقتناء الكتاب، طقس صحي شديد الحضور يدفع إلى الاعتراف بقيمة المعرفة في المجتمع، وما هي إلا دقائق حتى نجد كل فتاة وقد اقتنت كتاباً والسعادة تعلو محياها.

ما تمثله معارض الكتب في الذاكرة هو تلك المقولة التي راجت طيلة عقود في أوساط القراء حيث (مصر تكتب، لبنان يطبع، العراق يقرأ) مقوله تبدلت في ما تبدل من زمن، لأن مراكز الإنتاج لم تعد بتلك القوة، والأطراف لم تعد بتلك الابتدائية، وعليه ما ينتج اليوم من كتب وأفلام وأعمال مصورة، وغيرها من الإبداعات ليس حكراً على أحد، وزيارة واحدة لمعرض أبوظبي للكتاب تؤكد ذلك.

البيان