من المنتظر أن تصبح سلطنة بروناي هذا الأسبوع أول دولة في شرق آسيا تطبّق الحدود المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، في أحدث مثال على تنامي الاتجاه الديني المحافظ الذي تعمّق أيضا في أجزاء من ماليزيا واندونيسيا المجاورتين.
وأعلن السلطان، الذي يقول دبلوماسيون إنه أصبح أكثر تديّنا، تطبيق الشريعة باعتباره «إنجازاً عظيماً». واعتباراً من أمس الأربعاء يواجه سكان الدولة التي يغلب على سكانها المسلمون الملايو المحاكم الشرعية والغرامات أو أحكاما بالسجن في جرائم مثل الحمل بدون زواج وعدم أداء صلاة الجمعة ونشر ديانات أخرى.
ويبدأ سريان مرحلة ثانية بعد 12 شهراً تشمل السرقة وشرب الخمر للمسلمين وعقوبة هذه المخالفات قطع اليد والجلد. وتطبق عقوبة الإعدام رجماً في المرحلة الأخيرة بعد ذلك بعام في جرائم أخرى. وتطبق معظم الحدود على غير المسلمين أيضاً.
ويثير هذا التوجّه مخاوف بين الموظفين الأجانب في قطاع النفط وعشرات الآلاف من أبناء بروناي من ذوي الأصول الصينية والعمال المهاجرين من الفلبين وأغلبهم من الروم الكاثوليك. ويمثل غير المسلمين نحو 20 في المئة من السكان وبينهم بوذيون ومسيحيون. ونددت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالنظام الجديد الذي يطبق عقوبة الإعدام على عدد كبير من الجرائم.
وقالت ايميرلين جيل المستشارة القانونية لشؤون جنوب شرق آسيا باللجنة الدولية للمحلّفين، إنّ «العديد من العقوبات تمثّل تعذيباً بموجب القانون الدولي»،
مضيفة أنّ «الكثير من هذه المواد والعقوبات تميز ضد النساء». وأشارت تقارير إخبارية أميركية إلى أنّ بعض المشاهير ومنهم مقدمة البرامج التلفزيونية الأمريكية الشهيرة ايلين ديجينيريس والممثل البريطاني ستيفن فراي أعلنوا مقاطعة سلسلة فنادق يملكها السلطان لأن النظام الجديد يجرم المثلية.
ولم ترد وزارة الشؤون الدينية في بروناي، التي تنسق تطبيق النظام الجديد على طلبات من رويترز للتعليق.
وقال قس اتصلت به وكالة رويترز في بروناي، إنّ «التطورات تقلقه لكنه يأمل تطبيق النظام الجديد بصرامة أقل من المنصوص عليها في القانون المكتوب». ونفى مفتي بروناي اوانج عبدالعزيز أي تلميحات إلى أنّ «النظام يمكن أن يؤدي إلى الاضطهاد أو القسوة».
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المفتي قوله: «ليس بتراً أو رجماً أو سجناً بلا تمييز، هناك شروط وأساليب عادلة ونزيهة».
ويقول دبلوماسيون: إنه ليس واضحا كيف سيطبق النظام الجديد على صعيد الممارسة في ظل وجود الشرطة والمحاكم بموجب النظام القانوني الذي يستند الى النظام البريطاني. ويتناقض النهج الديني الجديد الذي يتبناه السلطان مع البذخ الذي اشتهرت به العائلة الملكية.
ويقول منتقدون: إن النظام الجديد سيمنح السلطات صلاحيات واسعة لخنق المعارضة في وقت يشعر فيه مسؤولو القصر بالقلق بشأن تراجع احتياطيات الطاقة.
وقال مامونج زارني الباحث الزائر بكلية لندن للاقتصاد الذي استقال من جامعة دار السلام في بروناي عام 2013 بسبب ما وصفه بغياب الحرية الأكاديمية: «هناك قلق مشترك بين نخبة القصر من نفاد الغاز، ولاء الشعب تمّ شراؤه بأموال الغاز». وردا على موجة نادرة من المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي حذّر الملك في فبراير الماضي من أنّ من ينتقد القوانين الجديدة سيعاقب بها.
جغرافيا
تعتبر بروناي محمية بريطانية سابقة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 400 ألف نسمة وتقع على الساحل الشمالي لجزيرة بورنيو وتحيط بها أراض تابعة لماليزيا باستثناء الجهة الشمالية. وتعتمد بروناي على صادرات النفط والغاز كمصدر لرخائها، فيما يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد حوالي 50 ألف دولار. ولا تجري بروناي التي يحكمها السلطان حسن البلقية 67 عاماً انتخابات وطنية لكن أي سخط تزيله الدخول العالية المعفاة من الضرائب ومزايا مثل مجانية التعليم والرعاية الصحية.
البيان