ميساء راشد غدير
عندما يتقاعد أي موظف في الحكومة من عمله فذلك لا يعني أنه تقاعد من ممارسة حياته كإنسان، ولا يعني ذلك انتهاء مسؤولياته تجاه آخرين بعد انتهاء مسؤولياته في الوظيفة، فالمرأة أو الرجل بوصولهما مرحلة استحقاق التقاعد يتنظر كل منهما مسؤوليات أخرى يتعين عليهما إنجازها وإتمامها لا سيما تجاه أنفسهما وأبنائهما وأفراد أسرتهما ومجتمعهما.
ما يعني حاجتهما للراتب باعتبار أنه مصدر دخلهما الأول، لا سيما إن كانا من الموظفين الذين انشغلوا أثناء عملهم الحكومي والخاص، وممن لم تتح لهم الفرصة ليكون لديهم مشروع خاص يعتمدون عليه، بالإضافة إلى الراتب لا سيما بعد الوصول إلى سن التقاعد.
فئة المتقاعدين في الإمارات بحاجة كبيرة إلى الدعم مادياً ومعنوياً، فالمتقاعدون القدامى ممن لم تطرأ على رواتبهم التقاعدية تغييرات كبيرة تتناسب مع التغييرات التي طرأت على المجتمع وتضخم الأسعار فيه لم يعد غالبيتهم قادرين على مواجهة تكاليف المعيشة، ولم يعدوا قادرين على القيام بجميع مسؤولياتهم تجاه أبنائهم الذين مازال بعضهم على مقاعد وآخرون لم يجدوا فرصاً للعمل.
المتقاعدون العسكريون وغيرهم من الموظفين القدامى أصبحت معاشاتهم تعادل راتب خريج تم تعيينه في دائرة محلية، وإذا كانت اليوم الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية تقوم باستثمار الأموال المستقطعة من رواتب الموظفين، فمن المفترض أن نجد أثرها على رواتب المتقاعدين.
منذ أيام ناقش المجلس الوطني الاتحادي السياسة العامة لهيئة المعاشات والتأمينات الاجتماعية، وطالب أعضاء المجلس فيه بإعادة النظر في معاشات المتقاعدين القدامى، ومنح المتقاعدين امتيازات خاصة، إضافة إلى تمكينهم من الحصول على مزايا عينية مثل توفير التأمين الصحي، والنظر في صرف علاوة لأبناء المتقاعدين المولودين بعد استحقاق المعاش.
توصيات المجلس في محلها ولها أهميتها، فكما ذكرنا الرواتب التقاعدية القديمة لم تعد قادرة على مواجهة تكاليف الحياة، والمستشفيات الحكومية الحالية لم تعد قادرة على استقبال جميع المرضى ما يدفع بالكثيرين للعلاج في القطاع الطبي الخاص، الذي ترهق مصاريفه جيوب الخلق، لا سيما المتقاعدين الذين لا يؤمن عليهم صحياً ولا تصرف علاوة الأبناء الذين تم إنجابهم بعد استحقاق المعاش.
المتقاعد موظف خدم الدولة وما زال يقدم لها الكثير بخبرته، التي استطاعت بعض الجهات الاستثمار فيها بعد تشغيله ومن خلال تأدية دوره كفرد في المجتمع يتحمل مسؤولية أسرته، ويتحمل مسؤولية تخريج جيل قادر على إكمال ما بدأ به.
لا نريد أن يكون التقاعد في دولة الإمارات حالة مرعبة لكل من اقترب منها كما حدث مع بعض الموظفين الذين فوجئوا بقبول طلباتهم للتقاعد دون أدنى تكريم أو حتى رسالة شكر، ما أشعرهم بقلة التقدير من مؤسسات أعطوها أجمل سني عمرهم وخدموا فيها بإخلاص.
لن يضر دولة الإمارات تكريم وتقدير ثمانين ألف متقاعد وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم حتى بعد التقاعد، والتي تتطلب تعديلًا في الرواتب وعلاوة الأبناء، وتأميناً صحياً والنظر في تأمين ما يلزم للمتقاعد الذي لا ينبغي أن نعتبر تقاعده إنهاء لحياته وحقوقه.