قررت الولايات المتحدة أمس، إرسال حاملة طائرات وسفينتين حربيتين إلى الخليج العربي استعداداً لاحتمال استخدام الخيار العسكري ضد تنظيم «داعش» في العراق حال تعرض الأميركيين والمصالح الأميركية هناك للخطر. في غضون ذلك، بدأت القوات العراقية تجاوز صدمة فقدان السيطرة على مناطق واسعة في شمال ووسط وجنوب شرق العراق، حيث شنت هجوماً مضاداً بمساعدة الشرطة والعشائر في محافظة صلاح الدين انطلاقاً من سامراء استعادت خلاله 3 بلدات، ونجحت في صد زحف المسلحين في محافظة ديالى المجاورة، حيث استعادت مدينة. وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي التقى القادة العسكريين في سامراء وبحث معهم خطة الهجوم، أن حكومته منحته «صلاحيات غير محدودة»، بصفته القائد العام للقوات المسلحة العراقية، متعهداً بتحرير كل المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» وتنظيمات محلية في صلاح الدين وديالى ومحافظة نينوى المجاورة شمالاً.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» جون كيربي، في بيان أصدره في واشنطن، إن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل أمر بتحرك حاملة الطائرات «جورج اتش. دبليو. بوش» والطراد «فيلبين سي» المزود بصواريخ موجهة والمدمرة «تروكستون» المزودة أيضاً بصواريخ موجهة من شمال بحر العرب إلى الخليج لتدخله مساء أمس «سيمنح الأمر القائد الأعلى (الرئيس الأميركي باراك أوباما) مرونة أكبر إذا تم شن عملية عسكرية أميركية لحماية أرواح الأميركيين والمواطنين (العراقيين) ومصالحنا في العراق». وأضاف «الوجود البحري الأميركي في الخليج لا يزال يدعم التزاماتنا الطويلة الأمد بأمن واستقرار المنطقة».

ميدانياً، قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية «المالكي» اللواء قاسم الموسوي، إن قوات الأمن استعادت زمام المبادرة لشن عمليات نوعية في جبهات مختلفة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وحققت انتصارات كبيرة بمساعدة المتطوعين. وذكر قادة عسكريون ومسؤولون محليون أن قوات الجيش والشرطة المحلية والعشائر السنية في محافظة صلاح الدين استعادت بلدات الإسحاقي قرب تكريت والضلوعية والمعتصم قرب سامراء.

وقال متحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب، إن طائرات حربية قصفت موقع اجتماع لقيادات في «حزب البعث» المحظور في محافظة ديالى فقتلت 50 شخصاً، بينهم ابن زعيم الحزب ونائب رئيس النظام العراقي السابق عزة إبراهيم الدوري. وذكر زعيم قبلي أن جنوداً ساعدتهم ميليشيا «عصائب أهل الحق» استعادوا بلدة المقدادية بالمحافظة. وأعلن ضابط برتبة عقيد في سامراء أن القوات العراقية في المدينة تستعد للتحرك باتجاه تكريت والدور وبيجي بعدما وصلت تعزيزات كبيرة من جيش وشرطة اتحادية إلى سامراء خلال زيارة المالكي.

وواصل مسلحو «داعش» هجماتهم في بعض الجبهات. قال مسؤول محلي، إن التنظيم احتل مبنى مجلس بلدية العظيم في ديالى، وأطلق قذائف مدفعية على قوة حماية منشآت النفط المكلفة بتأمين مصفاة بيجي في محافظة صلاح الدين، وهي أكبر مصافي النفط في العراق. وذكرت مصادر أمنية في محافظة ديالى أن 4 قذائف هاون سقطت على معسكر أشرف في بلدة العظيم، ما أسفر عن مقتل 3 جنود وجرح 7 آخرين، فيما قتلت قوة أمنية ثلاثة من مسلحي «داعش» خلال اشتباك في جلولاء. وأضافت أن زوجين وثلاثة من أبنائهم قتلوا برصاص مسلحين اقتحموا منزلهم في بعقوبة، حيث أدى انفجار عبوة ناسفة ملصقة بسيارة مدنية إلى مقتل شخصين كانا داخلها.

وقال ضابط في شرطة محافظة صلاح الدين، إن 4 جنود و5 شرطيين قتلوا وأصيب 21 جندياً وشرطياً بجروح خلال هجوم شنه مسلحون ضد موكب رئيس هيئة النزاهة في العراق علاء جواد في طريق المرور السريع بين بغداد وتكريت قرب مدينة بلد.

وقال مصدر أمني وشهود عيان في محافظة نينوى، إن طيران الجيش العراقي بدأ فجراً وجيه ضربات بصواريخ لمعسكر الكندي في الموصل الذي يتجمع داخله مسلحو «داعش»، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات منهم.

وأعلن المالكي، في بيان أصدره في سامراء، أن مجلس الوزراء العراقي منحه «صلاحيات غير محدودة» للتحرك ضد التنظيمات المسلحة، فشل في الحصول عليها من مجلس النواب جراء عدم اكتمال النصاب القانوني لجلسة مقررة يوم الخميس الماضي لإعلان حالة الطوارئ.

وأضاف المالكي، بعد وقت قصير من إصداره بياناً أعلن فيه انطلاق عملية «تطهير المدن» من المسلحين، «لو تحولت رؤوسنا إلى قنابل لما توقفنا حتى ننهي وجود هؤلاء الإرهابيين في العراق».

كما قال، في كلمة ألقاها بحضور القادة والضباط والجنود في سامراء «هذا ليس الخط الأخير وإنما ستكون سامراء محطة تجميع وتجمع، وستنطلق عملية تحرير جميع المناطق من أرض الإمامين العسكريين عليهما السلام. ما حصل لم يكن نقصا في السلاح وإنما خدعة وتواطؤًا، وانسحاب بعض منتسبي الوحدات، ما أدى إلى إرباك، ويعز علينا أن يحصل الذي حصل في صفوف القوات الأمنية والجيش العراقي خصوصاً أن الجندي العراقي معروف عنه عدم الانهزام أو ترك الواجب».

وتوعد بمعاقبة من تسببوا أو كان لهم دور بالانسحاب من الواجب وترك مواقع الجيش، قائلاً «لا يتصورون أنهم لاذوا بمنازلهم وانتهى الأمر وإنما سوف تتخذ بحقهم عقوبات قاسية، إلا من يتدارك نفسه ويلتحق بوحدته أو اقرب مركز، فيما ستنطبق على المتخلفين أقصى العقوبات قد تصل إلى الإعدام».

وتابع «هذه المعركة هي بداية نهاية (داعش) والقاعدة والإرهابيين والبعثيين ومن يقف وراءهم وهزيمتهم؛ لأن هذه الهجمة لربما حفزت الهمة لدى أبناء الشعب العراقي كافة، وعبرت عن إرادة العراقيين خصوصا بعد فتوى المرجعية الدينية (الشيعية) العليا بالجهاد الكفائي، وهذا يعني أن من لم يلب فإنه آثم». واستطرد «توافد الآلاف من المتطوعين، وأصبحنا غير قادرين على أن نجهز ونسلح بسرعة لصد هذه الجهات التي لا تريد للعراق خيراً».وتعهد المالكي بعدم الانكسار والهزيمة أمام المسلحين، موضحا «لا يتوهموا بأنهم سيطروا وتمكنوا ولكن ما حصل هو مؤشر للإرادات القوية ومحفز للهجوم والقضاء عليهم اكثر من التراجع والضعف، وحينما حل مكان المتخاذلين والخائنين الشجعان، فضلاً عن اتخاذ مجلس الوزراء قرارات منح من خلالها صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء ودعم غير محدودة من أجل حفظ الأمن».

وأضاف «هناك من يريد إلباس المعركة ضد (داعش) ثوباً طائفيا ونحن لا نريد إلا أن نلبسها ثوباً وطنياً ونتحدث بالغة الشرعية والوطنية بغض النظر عن الانتماءات وهذه الصورة الملحمية انعكست في الإقبال على التطوع لصد الكفرة الذين يحاولون تدنيس مدينة سامراء والمدن العراقية الأخرى» واستطرد «من هنا ستبدأ البداية الكريمة لتطهير آخر شبر من الوطن من (داعش) وساعات تصلكم جموع من المتطوعين لتحشيد الجهود فلا تسمعوا ولا تلتفتوا إلى الإعلام الخبيث. إننا أقوى من الإرهابيين».

في المقابل نفى الشيخ رعد آل سليمان أحد شيوخ عشائر الدليم وأحد القيادات التي قالت إنها من ثوار العراق أي وجود لمسلحي «داعش» في المعارك. وقال «إن الثوار هم من قام بالعمل الثوري والمسلح لتحرير العراق من الظلم وسيستمرون حتى الوصول إلى بغداد لإسقاط النظام».وطالب زعيم «المجلس العسكري لثوار العشائر» في محافظة الأنبار علي الحاتم باستقالة المالكي فوراً بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها مدن العراق وسيطرة الجماعات الإرهابية على الموقف فيها. وقال «إن الحل يكمن في تخلي المالكي عن منصبه فوراً».

34 قتيلاً بقصف مسجدين في بيجي وتكريت

شهود عيان: مقتل 34 شخصا في قصف جوي من مروحيات لمسجدين بوسط العراق

ذكر شهود عيان أن 34 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب 46 آخرون بجروح جراء إطلاق مروحيات حربية عراقية أمس الأول صواريخ على مجموعتين من المسلحين في مسجدين بمدينتي بيجي وتكريت في محافظة صلاح الدين وسط العراق.

وأسفر القصف الجوي على أحد المساجد في بيجي، حيث كان مسلحو تنظيم «داعش» مختبئين، عن مقتل 31 شخصا بينهم عسكريون وشرطيون كانوا محتجزين لدى التنظيم وإصابة 40 آخرين بجروح. كما أخطأت صواريخ تم إطلاقها على مسجد في وسط تكريت كان بداخله مسلحو «داعش» وعدد كبير من الجنود والشرطيين الأسرى هدفها وسقطت خارج المسجد، ما تسبب بمقتل 3 مدنيين وإصابة 6 آخرين بجروح. (بغداد – د ب أ)

الاتحاد