اتسع نطاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث كثف الطيران الحربي غاراته الجوية في إطار العملية العسكرية التي أطلق عليها «الجرف الصامد» والمستمرة لليوم الثاني على التوالي موقعة أمس 17 شهيداً فلسطينياً جديداً على الأقل وأكثر من 100 جريح، فيما لوح جيش الاحتلال بعملية برية بعد موافقة الحكومة الأمنية المصغرة على استدعاء 40 ألف جندي من الاحتياط، إضافة إلى حوالي 1500 جندي سبقت تعبئتهم بالفعل، مع تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه وجه قيادة الجيش بإجراء الاستعدادات اللازمة للذهاب حتى النهاية بما في ذلك احتمال دخول قوات برية إلى القطاع. بالمقابل، لقي 4 مسلحين فلسطينيين حتفهم باشتباك مع جيش الاحتلال خلال محاولة جريئة للتسلل عبر الجدار الأمني عن طريق البحر إلى مستوطنة «زكيم» جنوب مدينة عسقلان المحتلة قرب القطاع، بينما أسفرت العملية عن إصابة جندي إسرائيلي، فيما أكدت كتائب «عز الدين القسام» الجناح المسلح لـ «حماس» أنها قامت بقصف قاعدتي زيكيم ويفتاح العسكريتين الإسرائيليتين بعشرة صواريخ كاتيوشا. بالتوازي، أعلنت «سرايا القدس» الجناح العسكري لـ «الجهاد الإسلامي» ، مسؤوليتها عن قصف مدينة تل أبيب بصاروخ براق 70 ، الأمر الذي أقره مصدر عسكري إسرائيلي قائلاً إنه تم اعتراض صاروخ أطلق على تل ابيب وهي أبعد منطقة يستهدفها هجوم من قطاع غزة خلال القتال المتصاعد منذ أسبوعين. وفي وقت متأخر مساء أمس، دوت صافرات الإنذار في تل أبيب، في حين أكدت كتائب «عز الدين القسام» أنها قصفت حيفا بصاروخ «ار 16-»، والقدس المحتلة ب4 صواريخ نوع «أم 75» وتل أبيب ب4 صواريخ مماثلة طالت أيضاً نتيانيا ورمات هشارون والخضيرة.
ورداً على عملية «الجرف الصامد» أعلنت «سرايا القدس» أنها أطلقت عملية «البنيان المرصوص» في مواجهة العدوان العسكري الإسرائيلي ضد القطاع، بينما اعتبرت «حماس» «كل الإسرائيليين أصبحوا أهدافا مشروعة للمقاومة» بعد غارة جوية استهدفت منزلًا جنوب قطاع غزة، متسببة بمجزرة حصدت 7 قتلى فلسطينيين على الأقل.
ووسط تصاعد القصف والقصف المضاد، أعلن مسؤول إسرائيلي كبير أن الجيش يستعد لجميع الخيارات والسيناريوهات العسكرية المحتملة في القطاع بما في ذلك الاجتياح أو شن عملية برية. بينما أكدت الرئاسة الفلسطينية على حق الشعب الفلسطيني في «التصدي للعدوان والدفاع عن نفسه من خلال جميع الوسائل والطرق المشروعة»، مبينة على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة أن القرار الإسرائيلي بتوسيع العدوان على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة بمثابة «إعلان حرب شاملة على شعبنا ستتحمل الحكومة الإسرائيلية وحدها تبعاته وتداعياته، وما يجره من ردود فعل».
فقد استشهد 17 فلسطينياً على الأقل وأصيب أكثر من 100 آخرين أمس، بغارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة، في إطار أسوأ دوامة عنف في القطاع منذ نوفمبر 2012، ضد «حماس»، بحسب ما أعلنت مصادر طبية. وبدأ سلاح الجو الإسرائيلي ليل الاثنين الثلاثاء عملية «الجرف الصامد» وشن عشرات الغارات الجوية على القطاع رداً على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن نحو 50 صاروخاً أطلقت من قطاع غزة على إسرائيل منذ منتصف ليلة الاثنين الثلاثاء، في حين قصف الطيران الاسرائيلي 150 موقعاً في القطاع وصفها بأنها «إرهابية».
وبأحدث اعتداء، استشهد شاب فلسطيني وأصيب آخر بجروح متوسطة في غارة جوية إسرائيلية على مدينة دير البلح وسط قطاع غزة وفقاً للجنة الاسعاف والطوارئ. كما أعلنت اللجنة نفسها، استشهاد طفل (8 سنوات) متأثراً بجروح أصيب بها في الغارة الإسرائيلية على منزل بمدينة خان يونس جنوب القطاع أمس.
وفي وقت سابق أمس، أكد شهود ومسعفون في مدينة خان يونس استشهاد 7 مواطنين بينهم طفلتان وإصابة 25 آخرين على الأقل حالة بعضهم حرجة بقصف إسرائيلي استهدف منزل المواطن عودة كوارع في المدينة جنوب القطاع. وأفاد الشهود أنه جرى نقل 4 شهداء إلى مستشفى غزة الأوروبي وجثتين إلى مستشفى ناصر في خان يونس في وقت تقوم فيه الجرافات وطواقم الدفاع المدني والإسعاف بالبحث تحت أنقاض المنزل المدمر عن ناجين.
كما استشهد 4 مواطنين بقصف إسرائيلي استهدف المركبة التي كانوا يستقلونها عند مفرق الشعبية وسط مدينة غزة، بينما استشهد مواطن فلسطيني آخر وأصيب آخرون بغارة استهدفت أراضي في مخيم النصيرات وسط القطاع. واستشهد أيضاً، أب وطفلة وأصيب 4 مواطنين بجراح مختلفة بقصف إسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وقصفت طائرات الاحتلال «توك توك» دوار زايد شمال قطاع غزة ما أدى إلى استشهاد مقاوم من كتائب القسام. وأوضح شهود عيان أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت عدة مواقع في أحياء غزة خاصة في حي تل الهوى وحي التفاح ومقراً حكومياً في مجمع أنصار. في الأثناء، واصل الطيران الحربي والمدفعية الإسرائيلية قصف مواقع مختلفة في قطاع غزة واستهداف عدة منازل ومركبات ودراجات نارية وأراضي خالية في رفح وخان يونس ودير البلح وبيت لاهيا وجباليا منذ ساعات الصباح وحتى اللحظة. كما استهدفت الطائرات المروحية مئذنة مسجد عمر بن عبد العزيز شرق عبسان شرق محافظة خان يونس ومئذنة مسجد الهدى في بلدة خزاعة شرق خان يونس.
وقال أشرف القدرة المتحدث باسم لجنة الاسعاف والطوارئ إن شاباً استشهد وأصيب آخر بجروح متوسطة ب غارة جوية على توكتوك ب منطقة الشيخ زايد شمال القطاع. كما استشهد فتى فلسطيني وأصيب آخر بجروح متوسطة في غارة جوية على حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة.
وفي مجزرة المنزل المنكوب بخان يونس، ذكر شهود عيان أن «طائرة استطلاع إسرائيلية أطلقت صاروخاً تحذيرياً على المبنى ليقوم سكانه باخلائه». وأضافوا «لكن الجيران والأقارب تجمعوا حول المنزل وصعدوا إلى سطحه ليشكلوا درعا بشريا لحمايته من القصف، إلا أن الطائرات الإسرائيلية «اف 16» أطلقت صاروخاً دمره بالكامل وخلف عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى». ورداً على هذه الغارة، قال المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري في بيان نشره على صفحته على موقع فيسبوك «مجزرة خان يونس ضد النساء والأطفال هي جريمة حرب بشعة وكل الإسرائيليين أصبحوا بعد هذه الجريمة أهدافاً مشروعة للمقاومة». وذكر مواطنون من أقارب شهيدين في ثلاجة الموتى بمستشفى الشفاء بمدينة غزة أن القتلى من أعضاء «كتائب القسام» وأحدهم محمد شعبان (32 عاماً) وهو قائد بارز في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـ «حماس» ويعتبر مسؤول الوحدة البحرية.
ومساء أمس، أعلنت كتائب «عز الدين القسام» أنها قامت بقصف قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين بعشرة صواريخ كاتيوشا. وقالت الكتائب في بيان صحفي إن كتائبها «قصفت قاعدتي زيكيم ويفتاح بعشرة صواريخ كاتيوشا». كما أعلنت الكتائب نفسها أن «وحدة كوماندوس تابعة للقسام تقتحم قاعدة سلاح البحرية الصهيونية على شواطئ البحر ولا زالت الاشتباكات مستمرة». وتابعت «من أرض المعركة مجموعة الكوماندوس القسامية تمكنت من اقتحام الموقع وتقوم بمهمتها حسب المخطط». وأضافت أنه «قبل دقائق تم إجراء محادثة مع قائد المجموعة ولا زالت المهمة مستمرة وهناك خسائر كبيرة في صفوف العدو». في المقابل، أعلن مصدر أمني إسرائيلي مساء أمس، أن الجيش قتل عدداً من الناشطين الفلسطينيين المسلحين الذين دخلوا إسرائيل قادمين من البحر على بعد نحو 3 كيلومترات شمال الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة.
وسمحت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة أمس، للجيش باستدعاء 40 ألف جندي احتياط في إطار عدوانها ضد غزة. وفي حديث لإذاعة الجيش، أكد المتحدث باسم الجيش الجنرال موتي الموز «سنحشد المزيد من قوات المشاة والدبابات والمدفعية وكل ما يلزم لاستعادة الهدوء في الجنوب». وبحسب الموز، فإن الجيش يدير هذه العملية على «مراحل» مشيراً إلى أن «المرحلة الأولى جرت الليلة قبل الماضية مع غارات جوية على منازل الناشطين والبنى التحتية (الإرهابية). ولقد تلقينا تعليمات من القيادة السياسية بضرب (حماس) بقوة». وأجرى وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون أمس، مشاورات مع قائد الجبهة الجنوبية في الجبهة الداخلية ومسؤولين آخرين في وزارته. ونقل بيان صادر عن مكتب يعالون قوله «نحن نستعد لشن حملة ضد (حماس) لن تنتهي في بضعة أيام». وأضاف «في الساعات الأخيرة، ضربنا بقوة والحقنا أضراراً بعشرات من ممتلكات (حماس) وسيواصل الجيش جهوده الهجومية بطريقة من شأنها تدفيع حركة حماس ثمناً باهظاً للغاية».
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان إسرائيل إلى وقف التصعيد فوراً. وقال عباس ليل الاثنين الثلاثاء «نطالب إسرائيل بوقف التصعيد فوراً ووقف غاراتها على قطاع غزة». كما دعا الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي إلى «التدخل الفوري والعاجل لوقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير الذي سيجر المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار».
– الاتحاد