نزح الفلسطينيون بالآلاف أمس من شمال قطاع غزة بعد ليلة من الغارات الإسرائيلية المكثفة وتحذير إسرائيلي لهم بالمغادرة استعدادا لقصف مكثف ربما تمهيدا لعملية برية محتملة، بينما سقط امس نحو 16 شهيدا ليرتفع العدد الى 166 منذ العدوان الثلاثاء الماضي، في حين توغلت قوات كوماندوس إسرائيلية على ساحل غزة واشتبكت مع المقاومين، بينما واصلت المقاومة قصف المدن الاسرائيلية بالصواريخ.

وفي بعض مناطق بيت لاهيا، بدت الشوارع خالية تماما بعد أن غادرها سكانها مع حاجيات بسيطة استطاعوا حملها. والتجأ بعض السكان إلى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) مؤقتا.

وجمعت جيهان السلطان (31 عاما) أولادها والتجأت مع زوجها إلى مدرسة «غزة الجديدة» الأساسية التابعة للاونروا.
وقالت لوكالة فرانس برس «نخاف من الصواريخ الإسرائيلية فلقد قصفوا بيوتا قريبة منا وارعبونا وارعبوا أولادنا» مشيرة أن أطفالها يستيقظون مرعوبين من النوم.

وأضافت «قصف بيتنا وذهبت لمنزل عائلتي وولدت ابنتي هناك أول أيام الحرب»، الثلاثاء.

ودعا الجيش الإسرائيلي صباح امس سكان عدة مناطق شمال قطاع غزة إلى إخلاء منازلهم «فورا» ترقبا لغارات جوية كثيفة.

واكد المتحدث باسم الجيش الجنرال موتي الموز في حديث لإذاعة الجيش أنه يتوجب على الفلسطينيين أخذ «هذا التهديد بجدية» موضحا بانه ليس ضغطا نفسيا.

وأضاف «نحن حذرنا سكان غزة مرارا من الابتعاد عن عناصر حماس». والقي الطيران الإسرائيلي منشورات على شمال القطاع في منطقة غير بعيدة عن الحدود مع إسرائيل مطالبا السكان المدنيين بترك منازلهم قبل الظهر للتوجه إلى الجنوب.

واضطر مئات من سكان منطقتي العطاطرة والسلاطين قرب بيت لاهيا للجوء إلى المدرسة واستخدم بعضهم عربات تجرها حمير واحصنه بالإضافة إلى دراجات نارية لنقل بعض أغراضهم. وحمل جرار زراعي نحو ثلاثين شخصا إلى المدرسة. ومن ناحيته، اكد مدير عمليات الاونروا روبيرت تيرنر بان الآلاف من النازحين في غزة بالفعل ذهبوا إلى مدارس الأونروا. وقال المتحدث باسم الأونروا كريس جونيس في بيان «فتحنا عشر مدارس لاستقبال الفارين من القصف. لجأ الينا اكثر من 10 آلاف شخص والعدد في ازدياد».

وقال ضابط كبير بالجيش الإسرائيلي في تصريحات بالهاتف للصحفيين الأجانب إن إسرائيل «ستضرب بقوة» في منطقة بيت لاهيا اعتبارا من الساعات المتأخرة من الليل. ولم يذكر ما اذا كان هذا سيشمل توسيع حملة القصف الجوي والبحري لتشمل عملية برية في شمال قطاع غزة.

وقال «أقام العدو بنية أساسية صاروخية بين المنازل… يريد إسقاطي في شرك هجوم وإلحاق الأذى بالمدنيين».

وفي بيان أذاعه راديو حركة حماس رفضت وزارة الداخلية في غزة التحذيرات الإسرائيلية بوصفها «حربا نفسية» وقالت لمن تركوا منازلهم إن عليهم العودة ووجهت من لم يرحلوا الى البقاء في أماكنهم.

واستشهد 166 شخصا منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية وأصيب اكثر من 1100 بجروح، بينهم 36 طفلا، و24 امرأة و9 مسنين، وأكثر من 1200 جريح. وفي استمرار للعدوان الإسرائيلي الشرس والعنيف على القطاع، استشهد 14 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء وشيوخ، وأصيب أكثر من 25 منذ فجر اليوم السادس للعدوان.

وشهد القطاع قصفاً عنيفاً طوال ساعات الفجر وحتى الصباح، استهدف منازل المواطنين ومؤسسات مدنية ومساجد وبنية تحتية. واستشهد، صباح امس، الشاب هيثم أشرف زعرب (21 عاما) في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار متأثراً بجروح أصيب بها أمس الاول في مدينة رفح. كما استشهدت ليلى العويدات جراء قصف منزل عائلتها في مخيم المغازي وإصابة ثلاث أخريات بجراح تم نقلهن إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح المجاورة. واستشهد الطفل مؤيد الأعرج (3أعوام) وأصيب11 آخرون في قصف استهدف منزلاً لعائلة سلامة في خان يونس، جنوب القطاع. واستشهدت المسنة حجازية حامد الحلو (80عاما) متأثرة بجراح أصيبت بها في غارة شنتها طائرة حربية على حي الشجاعية شرق مدينة غزة، إضافة إلى استشهاد المسنة رمزية عبد العالم (73عاماً)متأثرة بإصابتها الخطيرة التي أصيبت بها في مدينة رفح جنوب القطاع.

واستشهد فجراً الشاب مصعب ضاهر (22عامااً) متأثراً بجراح أصيب بها في قصف إسرائيلي على مدينة دير البلح وسط القطاع، إضافة إلى استشهاد الشاب رامي أبو شنب في غارة ثانية على المدينة. واستشهد الشاب عز الدين بلبل من مدينة رفح جنوب القطاع متأثراً بجراح أصيب بها خلال العدوان.

وكان استشهد فجر امس شاب في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، في غارة استهدفت منزلاً في البلدة، كما استشهد، سامر حمدان في غارة جوية جديدة شنتها طائرات الاحتلال على بيت حانون، وحسين عبد القادر محيسن المغني ( 24 عاما) متأثرا بجروح أصيب بها في قصف إسرائيلي سابق.

وفر مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ في الوقت الذي احتفل فيه الفلسطينيون في الشوارع بأكبر هجوم صاروخي حتى الآن على تل أبيب. ولم يسقط قتلى من جراء ما قال الجيش الإسرائيلي إنها اكثر من 800 صاروخ أطلقها الفلسطينيون منذ بدء الحملة.

واشتبك كوماندوس من البحرية الإسرائيلية مع مسلحين من حركة «حماس» خلال غارة على ساحل قطاع غزة امس في أول اشتباك من نوعه خلال هجوم إسرائيلي بدأ قبل ستة أيام على القطاع بهدف منع الفلسطينيين من إطلاق صواريخ على إسرائيل. وقال بيان عسكري إن القوة الإسرائيلية كانت تهاجم موقعا في شمال غزة يستخدم لإطلاق صواريخ بعيدة المدى عندما تعرضت لإطلاق النار. وأضاف البيان إن الكوماندوس ردوا على إطلاق النار وتمكنوا من إصابة موقع الإطلاق وقال إن أربعة من الجنود أصيبوا بجروح طفيفة في الإشتباك.

بالمقابل ذكرت الإذاعة الإسرائيلية ان الفلسطينيين اطلقوا امس رشقة من الصواريخ باتجاه أواسط إسرائيل وشمالها حيث أطلقت صواريخ للمرة الأولى باتجاه منطقتي حيفا ونهاريا. وسقط صاروخ واحد في الخلاء دون وقوع إصابات أو أضرار. كما أطلقت صواريخ باتجاه منطقتي تل أبيب الكبرى والشارون. ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية أن المقاومة الفلسطينية قصفت صباح امس منطقة تل أبيب وغوش دان بالصواريخ.

وقالت شرطة الاحتلال إن منظومة القبة الحديدية أسقطت ثلاثة صواريخ فوق المدينة، مشيرة إلى أن صفارات الإنذار أطلقت في ريشون لتسيون وروحوبت ومطار بن غوريون واسدود والمجدل وموديعين ونتسيونا وبيت دجن.

ووعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس في الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء بان تضرب إسرائيل «حماس بقوة أكبر»، متهما الحركة باستخدام «السكان كدروع بشرية». وقال نتنياهو «سنواصل التحرك بدم بارد وحزم ومسؤولية لتحقيق هدفنا المتمثل في إعادة الهدوء لوقت طويل»، رافضا تحديد سقف زمني للعمليات العسكرية.

وقال نتنياهو «سنواصل التحرك بصبر وحلم وبتصميم ومسؤولية وشراسة لتحقيق هدف الحملة وهو إعادة الهدوء لفترة طويلة من خلال تسديد ضربة كبيرة لحماس وغيرها من الجماعات الإرهابية في قطاع غزة».

الاتحاد