يروج مركز دبا الفجيرة لتأهيل المعاقين صورة إيجابية وجديدة حول مفهوم الإعاقة، من خلال طرح مبادرات تقدم خدمات توعوية وإرشادية واجتماعية وصحية للأسر التي يعاني أفرادها من الإعاقة في 18 منطقة في دبا، وكذلك يسعى لإيجاد حلول لتلافي الإعاقة سواء في الفحص المبكر أو في أثناء اكتشافها عبر تبيان إجراءات التعامل معها، لتضاف إلى مبادراته المتتابعة لتنمية القدرات والمهارات للأشخاص المعاقين وأولياء أمورهم أيضا.

وقالت منى سعيد هلال مديرة مركز دبا الفجيرة لتأهيل المعاقين لـ«البيان»: إن وزارة الشؤون الاجتماعية وباعتبارها الوزارة المعنية بشؤون الإعاقة والأشخاص المعاقين تطلق بين الحين والآخر مبادرات جديدة انطلاقا من الهدف الاستراتيجي في تمكين الفئات الضعيفة من الاندماج والمشاركة الفاعلة في المجتمع، دعما منها لتمكين هذه الفئة، وهو الأمر الذي يعمل على دعم تقديم برامج ومشاريع مهمة في هذا الجانب من قبلهم.

مبادرات ومشاريع

وأوضحت هلال أن من بين تلك المبادرات للعام الحالي مبادرتين في دعم التواصل الاجتماعي وهما (حياكم وجائزة التواصل الفعال) اللتان صممتا لتحقيق الدمج المجتمعي للمعاقين، وأيضا البرنامج المنزلي (بورتج) الذي يتعلق بزيارات ميدانية لتحديد مدى ملاءمة البيئة الداخلية للمعاقين عبر فريق عمل يتضمن أخصائية نفسية وتربوية وخدمات مساندة، إلى جانب المشروع الزراعي «جنى» ويهدف إلى تعليم طلاب التأهيل المهني (ذكور) عملية الزراعة، هذا بخلاف مبادرة دعم الطلبة المعاقين ودمجهم في المدارس، وإشراك خريجيها في عدد من فعاليات المركز، ومبادرة النقل الآمن والتي تهدف إلى نشر التوعية لدى الطلبة والسائقين ومرافقات الطلبة بكيفية الاستخدام الآمن للحافلة.

ونوهت بأن المركز يسعى لتفعيل دور الآباء من أولياء الأمور وتعزيز تواصلهم مع أبنائهم والمركز ضمن مبادرة «سند»، والتدخل المبكر لتثقيف أمهات الأطفال المعاقين صغيري السن.

وأضافت: «إن المركز يسعى لإجراء مسح اجتماعي للمناطق والأحياء البعيدة عن مدينة دبا ضمن المبادرة التوعوية «أقارب ولكن» التي انطلقت عام 2013، والتي تهدف إلى الوقاية من بعض الأمراض الوراثية في الدولة والقابلة للتشخيص الوراثي التي يتجاوز عددها 25 مرضا، حيث تم أيضا تنظيم محاضرات تثقيف الطلبة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتغيير النظرة السلبية والسلوكيات الخاطئة عند التعامل معهم، هذا إلى جانب التركيز على المدارس التي تحتضن بعض الطلبة من ذوي الإعاقة، وذلك في إطار دعم ومساندة الخطط الهادفة إلى دمج هذه الفئة في المدارس، ويتطلع المركز من خلال هذه الفعاليات أن يساهم في الارتقاء بمستوى الوعي المجتمعي تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة».

سوق العمل

وأشارت إلى السعي لتأهيل ذوي الإعاقة في سوق العمل من خلال توفير فرص العمل المناسبة لهم وتنفيذ مبادرة «قادرون»، موضحة أن الفترة الفائتة شهدت نجاح المركز بتوظيف ثلاثة من منتسبيها من فئة ذوي الإعاقة الذهنية البسيطة في مكتب وزارة البيئة والمياه في دبا، لافتة إلى استعدادهم للتنسيق مع عدد من الجهات الأخرى العاملة بالإمارة أو خارجها لتوظيف عدد آخر من هذه الفئة بالشكل الذي يتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم.

نمو واندماج

وتابعت هلال: ليس هناك أشخاص معاقون بقدر ما هناك وضعيات معيقة يأتي في مقدمتها عدم اقتناع بعض أولياء الأمور والرضا بإعاقة أبنائهم، حيث إن هناك عددا من الحالات التي رفضت الاقتناع بوجود إعاقة لدى أبنائهم، فلم تترك مكانا إلا وأكد لهم حقيقة مرضهم، ومن الحالات أيضا عدم الاكتراث بضرورة تأهيل أبنائهم المعاقين أو خوفهم الشديد عليهم أو الخجل منهم، وكل ذلك يتسبب في تأخر قبول التحاقهم للمركز وفق شروط القبول واللوائح التنظيمية للشؤون الاجتماعية في إدارة رعاية وتأهيل المعاقين.

وبالتالي يتسبب في تأخرهم النمائي والاندماج في المجتمع، مؤكدة التدخل المبكر من قبلهم لعدد من الحالات ليتمكنوا من الالتحاق بالمركز مبكرا، مشيرة إلى أهمية وضع خطة وقائية على مستوى الدولة لتتكاتف الجهود مع الجهود الرسمية في وقف وجود إعاقات عبر التوعية بأسبابها وآثارها ومعرفة طرق منعها.

وبينت تحديا آخر بالنسبة لهم يتعلق بالخريجين من المركز الذين لا يجدون متنفسا آخر لهم، مما يهدر طاقاتهم التي تأسست طوال فترة انتسابهم للمركز، فبعضهم قد يجد فرصة عمل والبعض الآخر يكون المنزل ملاذه، آملة بأن يجري النظر في تأسيس ناد خاص لهم بالمنطقة، يساهم في تطوير قدراتهم ويكون مرجعا لهم في أمور كثيرة، بإشارتها إلى وجود ناد في خورفكان وتم التحاق عدد منهم، إلا أن هناك فئة لم تستطع لبعد المسافة.

وأكدت مديرة المركز حول المشروعات المستقبلية للمركز، أنه سيتم التركيز على تكثيف ورش توعوية لأسر ذوي الإعاقة في المرتبة الأولى ومنها نفذت ورشة عمل للسيدات بمختلف الفئات في تعليمهن كيفية اكتشاف الإعاقة مبكرا، موضحة أنهم يحتاجون إلى التوعية اللازمة للقضاء على الخجل الاجتماعي الذي يعاني منه العديد من الأسر نتيجة لوجود شخص معاق ينتمي للأسرة، إضافة إلى ورشة هدايا المواليد التي تتضمن هدايا للأمهات وللنساء الحوامل مرفقة بعرض مرئي يوضح كيفية الكشف عن الإعاقة.

إنجازات

قالت مني هلال إن المركز حقق نجاحاً ملموساً من خلال دمج طالبة من ذوي متلازمة داون وطالبة من ذوي الإعاقة الذهنية البسيطة في المدارس الحكومية، إضافة إلى تحقيق إنجاز مهم من خلال الفوز بالمركز الأول بفئة المركز الأكثر تواصلا اجتماعيا للعام2013 بجائزة الناموس التي نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية.

سارة تحدت الشلل الدماغي بالتمثيل والتعامل مع التقنية الحديثة

في إرادة غريبة من نوعها ومميزة استطاعت الطفلة سارة أحمد سعيد 12 عاما، والتي أقعدها الشلل الدماغي البسيط منذ ولادتها على كرسي متحرك، تحدي هذه الإعاقة الذهنية بالدراسة حيث إنها تلميذة بمنهج الثاني الابتدائي، كما نمت موهبتها في التمثيل والتعامل مع التقنية الحديثة، رغم أن العمر العلمي لا يتجاوز عقل طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، وذلك بفضل المتابعة المستمرة من مركز دبا الفجيرة لتأهيل المعاقين.

وقالت معلمتها موزة الصريدي معلمة إعاقة متعددة: اختبرتها في عدة مهارات، واكتشفت تجاوبها في التمثيل، حيث أتقنت سارة الحركات التمثيلية ومعايشة الأدوار بشكل عفوي وجميل وممتع لمن يشاهده، يتناسب ويعبر عن المشاهد القصصية والدرامية المقررة، كما أنها تبحث لتصمم ابتكارات خاصة بها، لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها شعارها «اليوم أحلى يوم في حياتي»، وقد حصد المشهد التمثيلي الصامت بعنوان «شكرا بابا خليفة» الذي أدته العديد من عبارات الإشادة وقالت سارة: «أتمنى أن ينجح العلاج معي فأمشي على ساقي، وأن أصبح معلمة لغة إنجليزية».

البيان