فضيلة المعيني
الأفئدة قبل الأقدام تتسارع نحو بيوت الله في أرجاء الوطن، بمدنه وقراه وأحيائه وطرقاته الخارجية، في نهارات إيمانية وليال شعشعت فيها الأنوار وجموع المصلين كباراً وصغاراً يتهافتون، يسبحون لله ويسجدون ويركعون.. نعمة نحمد الله عليها كل الحمد والشكر. وبين مساجد الدولة كان المشهد في مسجد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد يفوق الوصف، ليس في الأعداد الكبيرة التي تفد إليه مبكراً لتحجز مكاناً لها، ولا في الخدمات الأخرى التي يقدمها كسائر المساجد عندنا بلا استثناء، والتي اعتلى منابرها علماء وأئمة وخطباء أجلاء، نقدر لكل منهم ما بذله من جهد لإحياء ليالي رمضان بالصلوات والتهجد والدعاء إلى الله.
روعة مسجد الشيخ زايد، رحمه الله، لم تكن في تلك الصور الإيمانية والمشاهد الروحانية فحسب، بل النقل المباشر لصلاتي التراويح والتهجد كان مبهراً للغاية، اعتمد على التقنيات الحديثة في مجال البث وروعة في نقل وإظهار كل التفاصيل في هذا الحدث الإيماني، ينقل المشاهد وينتقل به جائلاً في كل الأرجاء ليسرح في فضاء جميل، فلا يتوقف لسانه عن ترديد »ما شاء الله«، داعياً بالرحمة والمغفرة لمن عمل على عمارة بيوت الله وخدمة المسلمين، وشيد بتوفيق من الله هذا الصرح الإسلامي الكبير ليضم بين جنباته جموع المسلمين والمصلين، يؤدون في رحابه فروض العبادة والطاعة للرحمن.
نقل مباشر ليلي جميل، منح الملايين من البشر فرصة التعرف على هذا الصرح عن كثب، بكل ما يدور فيه وتفاصيل فن العمارة داخله وفي ساحته، ويذكر العالم أجمع بفضائل ومآثر رجل رحل وبقي حاضراً بما قدم لوطنه وشعبه وللمسلمين وللإنسانية جمعاء في أقاصي البلاد.
رحل زايد وبقي حاضراً فينا، سكن القلوب حباً، رحل وبقي الحب، وبقيت المآثر حاضرة تروي للأجيال حكاية شيخ أحبه كل من عرفه وسمع به، شيخ كان غيمة مليئة بالخير أينما حلت عمت الأرض خيراً وخضاراً، خير يخلد صاحبه ويجعل سيرته العطرة على الألسنة لا تنقطع وذكره باقياً بينهم.
– البيان