حسين درويش
جملة عامية يعرفها أهل الشام وتعني (احزموا الحقائب)، وعادة ما تكون قبل السفر او انتظاراً للسفر، وكثيراً ما ترددها الأمهات على مسامع طلبة الصباح تمهيداً للذهاب إلى المدرسة، ولكنها عندما تأتي عنواناً لعمل درامي تعني كثيراً من التأويلات، وهذا ما كان مع المسلسل الدرامي (ضبوا الشناتي) الذي عرض خلال شهر رمضان.
الأعمال الدرامية المهمة تلك التي تشدك من أولى حلقاتها مثل الكتاب الذي تجذبك صفحاته الأولى فلا تتركه دون إكمال فصله الاخير، مسلسل (ضبوا الشناتي) كان واحداً منها، بسيط في فكرته حاضر بمغزاه، واقعي إلى درجة التماهي مع اليومي والمعاش، شخوصه يشبهوننا وكأنهم أفراد في العائلة.
إنها عائلة سورية خلال الحرب الدائرة اليوم، تبحث عن مخرج لأزمتها الخانقة، لا دخل لا ماء لا كهرباء لا خبز لا امان لا مستقبل، خوف وقلق وأصوات دوي المدافع خلف كل مشهد، تبيع العائلة المنزل وتنتظر فتح المعبر للوصول إلى سفينة تنقلها إلى الضفة الأخرى من المتوسط ، وهكذا كل يوم حكاية و حادثة وبصيص أمل يدفعهم إلى (ضب الشناتي)، لكن حالهم حال الحرب في بلدهم لا أفق ولا حل ولا شيء يوحي بالأمل.
بعض الدراما تُظلم في رمضان وخاصة عندما تقدم عبر محطة واحدة لا يُقبل الناس على متابعتها كثيراً لكن عندما يوقّع صناع دراما تلك الأعمال بأسمائهم يصبح لها بعد أخر، ممثلون أمثال بسام كوسا وأمل عرفة وضحى الدبس وأحمد الأحمد وكاتب سيناريو مثل ممدوح حمادة ومخرج مثل الليث حجو يستحقون رفع القبعات.
كم أتمنى لو تتاح الفرصة لعرض هذه الدراما مرة أخرى، وعبر أكثر من محطة حتى يشاهدها الناس ويحكموا على قيمتها الفنية ويتناولها النقاد بشكل منصف.
– البيان