ميساء راشد غدير
لفت انتباهنا منذ أيام خبر نشرته الصحف المحلية عن إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، التي تدرس اقتراحاً يدعو إلى منح الفرصة للحاصلات على شهادة الثانوية العامة، لفتح مكاتب للاستشارات الأسرية وتسهيل الزواج، شرط وجود الخبرة اللازمة، والخضوع لعدد من الدورات المتخصصة في هذا المجال. الإدارة تدرس الاقتراح بعد أن تلقت استفسارات من النساء الراغبات في فتح مكاتب للاستشارات الأسرية، ونتيجة وجود أعداد كبيرة من النساء المهتمات بهذا المجال.
ومع تقديرنا للدراسة التي تقوم بها إدارة التنمية الأسرية في الوزارة، والشروط التي وضعتها والتي لا تتجاوز الخبرة والدورات التدريبية، فإننا ضد فكرة افتتاح هذا النوع من المكاتب الرسمية لخريجات الثانوية العامة اللواتي لا نعلم من أين سيأتين بالخبرة المعينة لهن على مساعدة الآخرين على التخطيط لمشروع زواج ناجح، وهن في عمر لا يتجاوز العشرين عاماً، وإن تجاوزنه فهن لسن بالنضج الذي دفعهن لإكمال تعليمهن للحصول على وضع وظيفي واجتماعي أفضل، فنفع أنفسهن أولى من الانشغال بالبحث عن ابن الحلال أو ابنة الحلال والتوفيق بين رأسين، والعمل خاطبات في مجتمع أصبح الطلاق وفشل الزيجات فيه من أهم المشكلات الاجتماعية، بسبب الإفرازات التي تسببت فيها.
لا سيما العنف الأسري وبعض المشكلات النفسية لدى الأطفال والمراهقين! لا أحد منا ينكر اعتماد الكثير من الأسر على الخاطبة في الماضي وحتى وقت قريب، باعتبار أن الخاطبة جزء من ثقافة المجتمع العربي والخليجي، ورغم عدم إيماننا بالكيفية التي يتم بها هذا النوع من الارتباط، فإن الخاطبة كان لديها في الماضي قدر كبير من الخبرة وشبكة واسعة من المعارف واحتياجات الأسر، ومتمسكة بأعراف وتقاليد المجتمع، ومع ذلك أخطأ الكثير منهن وكن سبباً في إفساد علاقات زوجية وفشلها.
اليوم يفترض أن نواجه ظاهرة “الخاطبة” بدل أن ندعو أو نقبل بفتح مكاتب ومراكز استشارات أسرية وتسهيل الزيجات بمباركة حكومية، من قبل نساء حاصلات على شهادة ثانوية عامة، فالواجب إرشاد الحاصلات على شهادة الثانوية إلى عمل أفضل يكون مصدر دخل لهن، بعيداً عن أي عمل قد يسهل هدم بنائنا الاجتماعي!
إذا كانت الأسر اليوم حريصة كل الحرص عند الخطبة لأبنائها، على انتقاء المعايير والالتزام بها ومع ذلك لا يتوفق الكثير من الأبناء في الزواج، فكيف نتوقع أن تنجح مكاتب استشارية عندما تتحول بل وترتبط بمفهوم تجاري يرتبط برخصة تجارية ورسوم؟ ومن سيكون رقيباً على الاستشارات التي تقدمها لنضمن أنها تتوافق مع متطلبات المجتمع الذي تحيا فيه ولا تختلف معه؟
– البيان