علي أبو الريش
بعض صالونات التجميل تشبه بقالات الآسيويين المنزوية في الأزقة الضيقة تفوح منها رائحة العرق وأكداس المواد الاستهلاكية التي لم تحظ بوسائل الحفظ الصحية، وبعضها مغموسة في زوايا ضيقة مخيفة وغير آمنة، وعندما تفتح أبوابها الزجاجية المعتمة وتخرج من فوهتها نساء غارقات في الصبغ واللمعات الملونة، تشعر بالرهبة وينتابك إحساس بأنك أمام بوابة سرية لمخبأ تخرج منه كائنات مشوهة، وإلى جانب كل ذلك فإن الكثير من النساء يشتكين من ضعف الخدمات وسوء تصرف العاملات في هذه الصالونات.
فالعاملات فيها يتعاملن مع أجساد بشر فلابد أن يتبعن ارشادات صحية مثل ارتداء الكمامات والقفازات التي تمنع انتقال بعض الأمراض المعدية.. ويبدو أن هذه الصالونات باتت بعيدة كل البعد عن أعين الرقابة واتبعت الطرق الأسهل والأرخص في ممارسة هذا العمل والذي يعتبر من الأعمال الحيوية التي تمس حياة النساء طالما أصبحن لا يستغنين عن هذه المكملات الجمالية والتي صارت تقض المضاجع وتلهب المرابع ولا رادع إلا اتخاذ الإجراءات العلمية والصحية لاتقاء شر الأمراض التي من الممكن أن تنشر بين المرتادات لمجرد الالتصاق بالعاملات اللاتي يخضن معارك التزيين على مدار اليوم أو الأسبوع أو الشهر وكل على حسب مزاجه ورومانسيته المتبعة في المنازل وتحت سقوف الجدران.
فعندما قالوا صالونات تجميل سلمنا أمرنا إلى الله وقلنا حشر من الناس عيد، لكن أن تصبح هذه الصالونات سبباً للأذي الجسدي والنفسي، فلابد من قانون ورقابة صارمة، تمنع هذا الإهمال والاستسهال واللامبالاة التي بدأت كظاهرة لا تليق أبداً بمجتمع مثل الإمارات الذي اعتمد الأناقة غاية وأسلوب حياة في كل مناحي الحياة.
ومن دون استثناء، هذه الصالونات غير قادرة على تلبية شروط الواقع الحضاري، ولا تستطيع أن تواكب حركة النشوء والارتقاء التي يمر بها مجتمعنا، لذلك لابد وأن يوضع لتصرفاتها حد، ولا أعتقد أن النساء سيذرفن الدمع مدراراً فيما لو عوقبت الصالونات المهملة بالإغلاق، لأن الأعداد المتوافرة تفوق عدد النساء في الإمارات والعقاب بالإغلاق سيصرف نظر أصحاب هذه المحال عن استجلاب العمالة الرخيصة والجاهلة وسوف يمنحها فرصة في اتخاذ الوعي كوسيلة للتعامل مع البشر والتخلي عن العشوائية والفوضى التي قد تجر نساء كثيرات إلى مهالك الأمراض الخطيرة.
وقد يغضب هذا الكلام البعض والمستفيدين، وقد يزعج بعض النساء ولكن كل هذا لا يهم، المهم هي المصلحة العامة. نتمنى أن تتم معالجة هذه المشكلة بشكل فوري ولائق، ويحقق الحد الأدنى من معقولية التعامل مع البشر بشكل لا يخل ولا يزل ولا يفرط بالمسؤوليات الوطنية، تجاه وطن الانتماء إلى الجمال في العيون والقلوب وما بين الشفتين من كلام ملون لا ملوث.
– الاتحاد