نورة السويدي
يستحق قانون مكافحة الجرائم الإرهابية الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ما حظي ويحظى به من تقدير وإشادة داخلياً وخارجياً كونه جاء في التوقيت المناسب بالنظر إلى الكم الهائل من فوضى الأفكار والتصرفات والممارسات التي تجاوزت الحدود وهددت استقرار الكثير من الأمم والشعوب، والتي نراها تعصف بالكثير من الدول من حولنا.
سبعون مادة حصرت آفة الإرهاب وجرائمها بمختلف أنواعها وتصنيفاتها والأغراض منها وأهدافها أو التنظيمات الخاصة وحدود العقوبات، التي يصل بعضها إلى حد الإعدام، في تصنيف دقيق لم يغفل أهمية اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة الإرهاب وسبل التعامل مع الجهات المتورطة به، واضعاً سموه من خلال هذا القانون الشامل الواضح حرصه الكبير ومسؤولية أمن الوطن وحماية حياضه وأهله نصب عينيه.
القانون بلا شك لم يغفل أي دقيقة من دقائق الممارسات الإرهابية إلا وعرج عليها وسن لها ما يلائمها من ضبط وتحديد وعقوبة وزواجر، بما يشكل ملاءة قانونية واضحة ناصعة أمام الجميع ليراها كل من يفكر أو يحاول النيل من أمن الوطن، فلا حجة له عند ترتب العقوبة، ما دام القانون واضحاً صارخاً.
وإذا كانت يد القانون قوية ثابتة رادعة حازمة فإنه بلا شك لا بد مع ذلك من يد أخرى تعضد يد القانون للذود عن الوطن وحماية حياضه، وتنير الطريق قبل أن يقع في حفره المظلمة المتخبطون، وتبصر العقول قبل أن ينالها المتسللون إلى النفوس بأوهام مفتعلة أو برامج خارجية دخيلة لا تمت لتقاليدنا وثوابتنا الأصيلة بأي صلة.
هذه اليد، هي يد الوعي على اختلاف منابره سواء الإعلامية أو التربوية والدينية، والتي لا بد أن تتكاتف معاً في برامج مدروسة منظمة لتقديم جرعات من الوعي كفيلة بتوضيح الأخطاء والتحذير منها، والدعوة إلى سبل الرشاد والتعاون عليها.
الإعلاميون مطالبون باختلاف نوافذهم المقروءة والمسموعة والمنظورة بأن يجندوا خبراتهم وموادهم في تقديم الجرعات الإعلامية الناهضة بقيم التعايش والتكاتف والتنمية لخدمة الوطن، لأنهم ربما يكونون الأكثر وصولاً إلى مختلف الشرائح على اختلاف أعمارهم.
وهنا لا بد من الإشارة في هذا الصعيد إلى أداة فنية إعلامية قوية ربما يكون لها الكثير من التأثير وهي أداة الدراما، لا سيما إذا تم الخروج بها من عنق النمطية في الطرح والمباشرة في التعاطي مع هذه المسائل الدقيقة والحساسة، ونعني بذلك أن تتناول هذه القضايا بكثير من الاحترافية الفنية لتسهيل وصول الرسالة بأبسط طريقة وأعمق دلالات.
المنابر الدينية كذلك مطالبة ربما أكثر من غيرها بتعميق النظر الديني وإشاعة قيم الوسطية والاعتدال بين الناس وإظهار الجانب الحقيقي المشرق من هذا الدين الذي لا يسمح بأن يتسلق أحد على حقوق الآخرين باسم الدين، ولا أن يفرض أفكاره بالقوة على أحد “فلا إكراه في الدين”، وأن يكونوا الأداة الناصعة التي تعيد الشباب إلى جادة الصواب، فضلاً عن أن تسد الطرق أمام الراغبين بأخذهم في سراديب الأوهام. والتربويون لا يقلون أهمية وشأناً عما سبق من كوادر الوطن، وذلك أنهم يتعاملون مع الناشئة في المدارس والجامعات، والمعلمون كما نعلم هم الأقرب إلى نفوس الشباب لا سيما إن كانوا قدوات حسنة تحسن صياغة المبادئ التربوية بمقاييس علمية مدروسة، وسينجحون إذا نظروا إلى الشباب والأطفال بأنهم أمانة مستقبلية عظيمة سيسألون عنها.
ولو ذهبنا نعدد الأطراف التي يجب عليها أن تكون في اليد الأخرى المساندة للقانون سنقول إن المجتمع بجميع طوائفه وفئاته مطالب بالوقوف يداً واحداً لتعيد التوازن إلى أفكار المتجاوزين، وتبعد الأوهام عن المغرر بهم، وتفضح أفكار المتسلقين اللاعبين بالظلام، فالمجتمع والوطن أمانة عظيمة وأي تساهل من جانب أي أحد سيهدد الجميع.
– البيان