شن الطيران الأميركي والإماراتي في التحالف الدولي أمس ضربات جوية جديدة ضد «داعش» قرب مدينة عين العرب (كوباني) السورية الحدودية مع تركيا، أسفرت عن تدمير آليات مدرعة وقطعة مدفعية وأجبرت التنظيم الإرهابي على الانسحاب من بعض المناطق، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد عودة التنظيم مساء وتحقيقه تقدما شرق المدينة بعد استقدام تعزيزات إلى محيطها، وسط إقرار الإدارة الأميركية للمرة الأولى بالسقوط المحتمل للمدينة.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) «إن الضربات الجوية لن تتمكن من إنقاذ كوباني»، بينما اعتبر وزير الخارجية جون كيري أن الحيلولة دون سقوط المدينة في أيدي «داعش» لا يمثل هدفا استراتيجيا للولايات المتحدة، وإنما الهدف هو حرمان التنظيم من مراكز القيادة والتحكم والبنية الأساسية التي تمكنه من شن هجمات.

وسارع البيت الأبيض إلى نفي ما أعلنه كيري ونظيره البريطاني فيليب هاموند حول إمكانية درس مقترح تركي أيدته فرنسا لإقامة منطقة عازلة على الحدود بين سوريا وتركيا، قائلاً «إن المسألة ليست أمرا قيد التفكير حاليا».

وأوضحت القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم) التي تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن الولايات المتحدة بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة شنت 9 ضربات جوية على داعش في الأراضي السورية، بينها 6 ضربات قرب كوباني أسفرت عن تدمير آلية مدرعة لنقل الجند إضافة إلى ثلاث آليات مدرعة، والحاق أضرار بآلية رابعة وقطعة مدفعية، وأضافت «إن غارتين أخريين استهدفتا التنظيم قرب الرقة أصابتا معسكرا لتدريب مقاتلي التنظيم، وغارة أخرى قرب دير الزور دمرت دبابة».
وقال رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي «نضرب عندما نتمكن.

المتشددون عدو يتعلم ويعرف كيف يتلاعب ويستخدم السكان والتمويه، وبالتالي عندما يكون لدينا هدف، فإننا نضرب»، وأضاف «يصبحون اكثر مهارة في استخدام الأجهزة الإلكترونية ولم يعودوا يرفعون أعلاما ولا يتنقلون في مواكب طويلة كما كانوا يفعلون سابقا.

لا يقيمون مقار عامة يمكن رؤيتها ومعرفتها».

وأضاف: أن غالبية سكان كوباني فروا من المدينة للجوء إلى تركيا لكن ما من شك أن المتشددين سيعمدون إلى تنفيذ فظائع إذا سنحت لهم الفرصة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: إن مقاتلي التنظيم تمكنوا من التقدم مساء لمسافة 50 إلى 70 مترا من شرق المدينة باتجاه وسطها بعد استقدام تعزيزات عسكرية إلى محيط المدينة شملت جنودا وعربات، وأضاف: أن التحالف كثف غاراته واستهدف مرتين مواقع التنظيم داخل المدينة، وان اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية والتنظيم لا سيما لجهة الشرق بعد هجوم شنه مقاتلو «داعش» لاستعادة الأحياء التي اضطر إلى الانسحاب منها تحت وطأة الغارات، قبل أن يحقق تقدمه نحو وسط المدينة.

وقال مدير المرصد إن غارات التحالف خلال اليومين الماضيين شملت إطلاق 23 صاروخا، وقتل فيها ما لا يقل عن 45 مقاتلا من «داعش».

بينما قال مدير إذاعة «آرتا.

أف ام» الكردية مصطفى عبدي من كوباني «إن مقاتلي التنظيم المسلحين بكل أنواع السلاح والأحزمة الناسفة يطوقون مدينة صغيرة ومقاتلي وحدات حماية الشعب يستبسلون في الدفاع عن الأرض، لكنهم يحتاجون إلى أسلحة وذخيرة»، معتبرا أن الغارات تساعد على منع سقوط المدينة، لكن المطلوب مد الموجودين بالسلاح والمواد الغذائية.

وذكر عبدي أن السلطات التركية لا تسمح بدخول الأسلحة والمقاتلين، موضحا «يوميا يسقط شهداء وجرحى..

حتى عند نقل الجرحى، السلطات التركية تفتح البوابة الحدودية مزاجيا..

بالأمس انتظر عشرة جرحى اكثر من ساعة ليسمحوا لهم بالعبور، وتوفي اثنان منهم نتيجة النزف».

وأشار إلى استمرار وجود حوالى ألف مدني يرفضون الخروج من كوباني، وقال «زرت عددا منهم بنفسي وسالتهم لماذا لا يخرجون رغم كل التحذيرات، وقال احدهم وعمره 65 عاما: إلى أين نذهب؟ لنمت هنا، افضل من أن نموت على الطريق».

إلى ذلك، اعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الأميرال جيمس كيربي أن الضربات الجوية لا تكفي لإنقاذ كوباني، وقال خلال مؤتمر صحفي «إن الضربات الجوية وحدها لن تتمكن من ذلك ولن تنقذ كوباني.

يجب أن تكون هناك جيوش قادرة، معارضة سورية معتدلة او الجيش العراقي لهزم التنظيم».

وأضاف «إن اقتراح تركيا إنشاء منطقة عازلة ليس ضمن الخيارات العسكرية وإن كانت ضمن أحدث بنود المحادثات مع انقره، وأضاف: هذه ليست مسألة جديدة.

الموضوع ليس على طاولة البحث الآن بوصفه خيارا عسكريا قيد البحث.

ونفى المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست بحث إقامة منطقة عازلة على الحدود بين سوريا وتركيا، بعد أن كان وزيرا الخارجية الأميركي والبريطاني اعلنا في وقت سابق أن الفكرة تستحق أن تدرس، وقال: إن إقامة المنطقة العازلة ليست أمرا قيد التفكير حاليا.

وكان كيري وهاموند أعلنا بعد لقاء في واشنطن أن بلديهما على استعداد لبحث فكرة إقامة منطقة عازلة على الحدود بين تركيا وسوريا.

وقال كيري: إن المنطقة العازلة فكرة مطروحة تستحق البحث فيها كما أنها جديرة بدراستها عن كثب.

بينما قال هاموند: إن لندن لا تستبعد فكرة إقامة منطقة عازلة لحماية النازحين بسبب النزاع على الحدود التركية السورية.

ولمح كيري إلى أن الحيلولة دون سقوط كوباني في أيدي «داعش» لا يمثل هدفا استراتيجيا للولايات المتحدة، وقال «من المروع متابعة ما يجري في كوباني في حينه..

يتعين عليك أن تتروى وتتفهم الهدف الاستراتيجي»، وأضاف: على الرغم من الأزمة في كوباني فإن الأهداف الأصلية لجهودنا هي مراكز القيادة والسيطرة والبنية الأساسية..

نحن نسعى لحرمان الدولة الإسلامية من القدرة الكاملة عن شن ذلك ليس في كوباني فقط، ولكن في جميع أرجاء العراق وسوريا.

وأضاف انه يتوقع أن تقرر تركيا خلال الساعات والايام القادمة الدور الذي قد تلعبه ضد التنظيم.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند اعلن في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تعضد فكرة إقامة منطقة عازلة بين تركيا وسوريا الإنشاء ملاذ آمن للنازحين.

وتم الاتفاق على ضرورة مواصلة دعم المعارضة السورية المعتدلة، ضد كل من تنظيم داعش ونظام بشار الأسد.

في وقت يعتزم فيه الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج التوجه اليوم الخميس إلى تركيا لإجراء محادثات مع اردوغان حول مكافحة تنظيم «داعش».

وأعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن استيائه من الوضع الحالي في مدينة كوباني، وقال: علينا الاعتراف بأننا لم نعثر حتى الآن على الوسيلة المناسبة لإنهاء الحرب طويلة الأمد والحرب الأهلية في سوريا.

ووصف تأسيس حلف دولي ضد التنظيم بأنه إجراء ضروري لمواجهة التوسع الدولي لهذه المجموعة الإرهابية الأكثر خطورة»، لكنه استدرك «لا يمثل هذا التحالف ضمانا أننا سننجح في جميع أنحاء العالم بنفس المعدل.

بينما وجهت نائبة رئيس البرلمان الألماني كلاوديا روت انتقادات حادة لسياسة تركيا في التعامل مع تنظيم «داعش»، وقالت «إن أردوغان يريد على ما يبدو إضعاف استقلالية الأكراد في المنطقة المحيطة بمدينة كوباني المحاصرة».

الاتحاد