إسماعيل حيدر
“علامات فارقة” عنوان حمله المعرض الاستعادي للراحل نور علي راشد، المصور الفوتوغرافي الأقدم في دولة الإمارات، الذي رافق نشوءها منذ فتوته وحتى رحيله قبل أربع سنوات ونيف، بعد عطاء حافل واكب خلاله الأحداث المتنوعة التي شهدتها حركة تطور البلاد.
المعرض افتتح الليلة قبل الماضية في متحف الشارقة للفنون، ويستمر حتى السادس من ديسمبر المقبل، أما الصور المعروضة على جدران ثلاث طبقات من المبنى المشيد بشكل هندسي بديع، فتشكل ذاكرة وطن بكل ما للكلمة من معنى، وجولة الرائي على الصور- اللوحات، تلخصها مفردتان: التأمل والدهشة. جهد دام 5 سنوات، تنكبت حبه وعناءه أسرة الراحل، ممثلة بابنته شمسة، التي نبشت وفريق معها في الأرشيف الضخم الذي يربو على المليون صورة، واختارت منه ما يضيء تجربة الراحل الغنية بالدلالات التاريخية والإبداعية، في الإمارات والبلدان التي قصدها في أربع جهات الأرض.
في كل صورة التقطتها عدسة نور علي راشد حكاية، تحتاج لأن تقف أمامها مليّاً لتقرأ في قسماتها تاريخ اللحظة وأحداثها. هذا الفتى الذي قدم باكراً إلى هذه البلاد، التي لم يكن فيها إلا قليل من الحصون وبيوت العريش، وأشجار من النخيل والغاف والسدر تنتشر هنا وهناك بين الرمال ومياه الخليج وبحر العرب، وناس يعيشون على خير البحر من اللؤلؤ والأسماك.
منذ قدومه فتى يافعاً إلى رحاب الإمارات في ستينات القرن الماضي، حمل نور علي راشد آلة التصوير للمرة الأولى هاوياً ثم محترفاً، في نشاط دؤوب وحركة لا تهدأ، يرصد كل ما يجري بعينيه وعدسته، لينال ثقة الكبار قبل عامة الناس، فكان القريب من الرجالات المؤسسين في البلاد، وهم يعقدون العزم على خوض تحديات البناء والنهضة وإقامة دولة الاتحاد.
– البيان