فضيلة المعيني
لو أن كل خطأ جسيم، مهما كان فاعله ومصدره، قوبل بمثل ما عوقبت به مدرسة أكاديمية الورود الخاصة في أبوظبي بإلغاء رخصتها التعليمية اعتباراً من 31 أغسطس 2015، بموجب المادة 83 من اللائحة التنظيمية للمدارس الخاصة في إمارة أبوظبي، على أن يتولى مجلس أبوظبي للتعليم الإشراف المالي والإداري على المدرسة خلال الفترة القادمة، نتيجة الإهمال الجسيم في إجراءات الحفاظ على أمن وسلامة الطلبة، خصوصاً في ما يتعلق بإجراءات النقل المدرسي، لما تكررت الأخطاء نفسها ولتقيدت المؤسسات التعليمية وغيرها بالقانون، والتزمت بالنظام حفاظاً على أرواح اؤتمنت عليها، وما الصبر عليها حتى نهاية السنة الدراسية إلا مراعاة لمصلحة الطلبة الدارسين فيها، إذ تضم المدرسة 2212 طالباً وطالبة.
إجراء إداري حاسم وحازم برره إهمال كبير في المحافظة على أرواح بريئة أدى إلى وفاة طفلة في الرابعة من عمرها داخل حافلة المدرسة، صاحبته إجراءات قانونية أحالت سائق الحافلة والمشرفة عليها للمحاكمة مع حبسهما على ذمة اتهامهما بالتسبب بخطئهما في وفاة الطفلة، بأن أهملا القيام بما تفرضه عليهما أصول وظيفتيهما ومهنتيهما وتركاها داخل الحافلة المدرسية دون التأكد من نزولها من الحافلة. أمر الإحالة تضمن أيضاً اتهام الموظفة المسؤولة عن مراجعة كشوف الطلاب، والمدرسة كشخصية اعتبارية ممثلة في مديرها، بإهمال تدارك اختفاء المجني عليها مبكراً من الفصل الدراسي.
حادثة الوفاة كشفت أيضاً العبث وضرب النظام عرض الحائط، فلا الحافلات مرخصة للنقل المدرسي ولا مطابقة للمواصفات والمقاييس، ويقودها سائقون ليست لديهم تصاريح بقيادة الحافلات المدرسية، واستخدام مشرفات غير مؤهلات وغير حاصلات على تصريح من الجهات المختصة، ما أدى إلى وفاة الطفلة التي تُركت وحدها داخل الحافلة تصارع الموت حتى خارت قواها وأنهك جسدها النحيل من شدة الحرارة، وأصيبت بهبوط في الجهاز التنفسي والدوراني نتيجة الإنهاك الحراري، مما تسبب في حدوث وفاتها وفق تقرير الطب الشرعي.
ما حدث قد حدث، ولكن حتى لا تتكرر هذه الأخطاء وحتى لا يفعل البعض ما يحلو له فيخالف ويتجاوز ويخطئ، كان لا بد من إجراءات حاسمة وقضاء يعيد الحقوق إلى أصحابها، ويعاقب من أخطأ وأهمل. فالقضية هنا قضية روح بريئة راحت ضحية من أوكلت إليهم مهام المحافظة عليها، وفقدت في أكثر مكان كان من المفترض أن تجد فيه الأمن والأمان. حادثة وفاة الطفلة الآسيوية يجب أن تكون وقفة مراجعة لكل المدارس، تعيد من خلالها حساباتها وتصحح أخطاءها وتصوب مسار العمل، خاصة في ما يمس أمن طلبتها، وجميعنا معنيون بذلك وأمر الطفلة المتوفاة مسؤولية في رقاب الكل.
– البيان