شغلت قضية الإرهاب بجديدها المتمثل في «داعش» وغيره، والعلاقات الخليجية مع إيران مع اقتراب موعد قمة قادة مجلس التعاون في الدوحة الثلاثاء المقبل، المساحة الأبرز من مناقشات الدورة العاشرة لمنتدى «حوار المنامة» المنتظر أن يختتم أعماله اليوم الأحد، معتبراً حزب الله المنظمة الأخطر ومشترطا «أفعال»ا علي ايران في مقابل الشراكة .
وشارك سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في افتتاح أعمال «حوار المنامة». والتقى سموه، الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين خلال استقبال جلالته رؤساء الوفود المشاركين في المنتدى الذي يناقش العديد من القضايا الإقليمية والدولية، مثل القضية الفلسطينية والأزمة السورية، وغيرها، بمشاركة 400 شخصية، بينهم نحو 50 وزير خارجية ووزير دفاع ورئيس هيئة أركان، إضافة إلى عدد من كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
والتقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، على هامش المنتدى، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين. وجرى خلال اللقاء استعراض مجمل العلاقات الثنائية بين شعبي البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية.
وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي نزار مدني في الجلسة التي حملت عنوان «مواجهة التطرف في الشرق الأوسط»، أن دول مجلس التعاون الخليجي أثبتت أنها أصلب من أي وقت مضى، بفضل وضوح الرؤية حتى في أحلك الأوقات، مشدداً على أن الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية كانت ولا تزال وستبقى أولى الأولويات التي لا يمكن التفريط بها، واصفاً تصميم دول المجلس بأنه بمثابة الصخرة التي تتحطم أمامها أطماع الطامعين وآمال الحاقدين.
وأكد مدني أن دول الخليج لم تقم قط بأي عدوان لحل النزاعات، وامتنعت عن التدخل بالشؤون الداخلية، وأن على دول الجوار النأي بنفسها عن التدخل بشؤون جاراتها الداخلية والانضمام إلى محاربة التطرف والطائفية والتصدي للسياسات الإقصائية الفئوية التي ينجم عنها الخراب والدمار، وقال: «نرحب بأن تكون إيران شريكاً كاملاً يضطلع بمسؤولياته تجاه أمن الخليج، ولكن يجب أولاً أن تتطابق الأقوال مع الأفعال والبناء على إقامة علاقات جوار سليمة ومستدامة قائمة على أساس عدم التدخل بالشؤون الداخلية، من خلال حسن النية والمصداقية والشفافية».
وأكد مدني ضرورة التصدي للإرهاب؛ لأنه لا يفرق بين دولة وأخرى، وقال «إن السعودية ضحية للإرهاب، ولدى السعوديين يقين بأن التنظيمات الإرهابية خطر يجب التصدي له، وإذا لم يحدث ذلك سينتشر، وسيتعدى حدود المنطقة». بينما اعتبر رئيس جهاز الأمن القومي في اليمن اللواء علي الأحمدي تنظيم «داعش» بأنه درس بالغ للجميع، ودعا إلى توسيع رقعة تبادل المعلومات بين دول المنطقة، وتوحيد جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع التمويل والحد من أي تبعات مستقبلية.
وحث وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في الجلسة التي حملت عنوان «العراق وسوريا والأمن الإقليمي» على إشاعة ثقافة الخطاب السلمي والبحث عن المساحات المشتركة بين جميع الدول في حربها ضد خطر قوى الشر التي أسمت تنظيمها بـ«داعش»، وقال «نحن نواجه حرباً عالمية جديدة، لاسيما أن «داعش» تقوم بتجنيد أفرادها من مختلف أقطار العالم، ومن ضمنها دول ديمقراطيات متقدمة»، داعياً إلى الوقوف وقفة جادة وحقيقية، إذ إن الخطر الداعشي لا يستثني بلداً من البلدان. واتفق وزير الدفاع الفرنسي جان – إيف لودريان مع وزير الخارجية العراقي على أن مواجهة إرهاب تنظيم «داعش» الذي لديه ما يقارب من 30 ألف مقاتل، هو أزمة تواجهها جميع الدول، وقال «إن استقرار المنطقة يعتمد على قدرتنا على العمل مع بعضنا البعض بنية حسنة، لاسيما وأن القوة العسكرية لن تحل الأزمة لوحدها». داعياً إلى دعم العراق في معركته ضد الإرهابيين وإلى دعم معارضة سورية معتدلة تعمل لمصلحة الشعب بعيداً عن الجماعات المتطرفة ونظام الأسد الدموي.
وحذر لودريان من أي تساهل مع إيران، مؤكداً رفض بلاده ربط مفاوضات الملف النووي الشائك بمشاركة طهران في الضربات ضد «داعش»، وقال «إذا كانت إيران تريد محاربة داعش، فهذا لأن التنظيم يمكن أن يشكل تهديداً لمصالحها الخاصة»، وأضاف «أن انتظار دعم متزايد من إيران لجهودنا ضد داعش مقابل تساهلنا إزاء تجاوزات طهران لالتزاماتها في مجال منع الانتشار النووي، سيشكل خطأ فادحاً»، مؤكداً حزم الدول الكبرى في الملف النووي الإيراني ومواجهة محاولات طهران الحصول على أي قدرة نووية عسكرية، معتبراً أنه ليس هناك مجال لأي مقاربة للأمن الإقليمي بشكل مختلف.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، إنه يتعين ألا تقدم بريطانيا والقوى الأخرى التي تتفاوض مع إيران للتوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووي، تنازلات تفتقر للحكمة من أجل المواءمة. وأضاف «يجب أن نختار المثابرة بديلاً عن المواءمة.. وأن ندعم موقفنا المبدئي بشأن التخصيب بدلاً من الإذعان لإغراء تقديم تنازلات تفتقر للحكمة في سبيل إبرام اتفاق». وتابع قائلاً «إن الهدف النهائي لبريطانيا من المحادثات هو التوصل لاتفاق يكفل ألا تمتلك إيران قدرات تصنيع أسلحة نووية».
وأكد وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في الجلسة التي حملت عنوان «الأولويات الاستراتيجية في الشرق الأوسط»، ضرورة أن تتسم خطابات التعاون بين دول المنطقة بالجدية والتنفيذ على أرض الواقع، مشدداً على أنه يتحتم على إيران أن تبتعد عن تمويل ودعم الجماعات الراديكالية، ومد يد التعاون مع دول المنطقة في مكافحة الجماعات المتطرفة بغية سيادة الأمن الإقليمي وجعله من الأولويات.
واعتبر أن «القاعدة» و«داعش» ليسا الخطر الأكبر، ولكن الخطر الأكبر يكمن في «حزب الله» الذي يحظى بدعم من دول ضالعة بحد ذاتها في تمويل الإرهاب، ولا بد من العمل على وقف تمويل الإرهاب الأمر الذي يأتي بأهمية التدخل العسكري نفسها لمكافحة الإرهاب. وقال «إن التحدي الثاني يتمثل في ضرورة محاربة الأيديولوجيات التي تقوم عليها تلك الجماعات الراديكالية والمتطرفة وتعتمد على من يسخر الدين لتبرير جرائمها». وشدد على ضرورة مكافحة الانقسام الطائفي في المنطقة والارتقاء بأدوات التعليم الإيجابي البناء والتسامح الديني والعمل على تقليص التعليم القائم على التحريض الطائفي. ولفت إلى أن الاختلافات بين دول مجلس التعاون وإيران ستبقى قائمة طالما استمرت إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأضاف «لا يمكن أن نسمح لها بالتحكم في مصيرنا، ولابد من تقويض فرص النزاع والتوتر في الدول المجاورة».
وأشار إلى أن التحالف الدولي ضد «داعش» دليل جلي على التعاون ضد الإرهاب، وقد برهنت دول مجلس التعاون نفسها كداعم ومساند لمكافحة والإرهاب واجتثاثه من جذوره، إلا أنه على الرغم من تصريحات إيران بأنها تحارب الجماعات المتطرفة، فهي ليست طرفاً في التحالف الدولي، وبهذا الصدد لا بد من تعاون إيران لتأمين مصلحة الجميع، ومن المؤسف ألا نرى سفناً إيرانية مع السفن الأخرى للمساعدة في أمن دول المنطقة، ودول الجوار عن طريق المنافذ البحرية.
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، ضرورة إيجاد نظام إقليمي عربي جديد بعيداً عن أسلوب المحاور الذي كان موجوداً على مدى العقود الأربعة الماضية.
وشدد على ضرورة أن تكون محاربة «داعش» ضمن إطار استراتيجية شاملة لمحاربة جميع التنظيمات متشابهة الفكر في المنطقة، مع استهداف القضاء على ذلك التنظيم عسكرياً وفكرياً وحرمانه من التعاطف والتمويل، وإلا فإنه حتى وإن توارى في العراق فسوف يعاود الظهور في أماكن أخرى من العالم، فالجميع بلا استثناء ليسوا بمأمن من هذا الخطر».
الاتحاد