علي أبو الريش

في حديثه عن الوردة، يقول شكسبير في مسرحية روميو وجولييت «ما فائدة الأسماء، هذه وردة سمها ما تشاء، ستبقى عطرة» ولكن البعض لأنه مشغول بذاته، مهووس بالصوت الداخلي الذي يضج ويعج في رأسه، ولأنه خاوٍ من المعنى والدلالة فإنه يغرق في الوصفيات والنعوت ويعيش تحت وطأة هاجس الشعار من دون أن يعتني بالمضمون، ولذلك نجد كل هذا الهجوم الشرس على كل من يخالف هذا البعض في الرأي، لأنه نسي أن للوردة فوحا وبوحا غير مشروطين، فالوردة التي تفتح أجنحتها في الصباح لتغذي نفوس عشاقها بالطيب الرطيب، هي لا تفند الأشياء ولا تهتم كثيراً باللون والعرق والدين، لأنها وردة ولأنها جبلت على مقابلة الآخر بالحب من دون تحيز أو تميز، من دون انتقائية فجة، من دون إقصاء أو إلغاء، وإن ما نشهده اليوم هو شيء من العدمية، والعبثية في التعامل مع الآخر.. هذا البعض احتكر الفكرة في غفلة من الزمن واقتنص الحقيقة وأراد أن يقصقص أجنحتها فإذا به يبتر جزءاً مهماً من ذاته ليعيش أبد الدهر يعاني من الدونية، ويعيش حياة المظلومية المستدامة، لأن أفكاره باتت مثل أحجار القيت في الطريق تحت جنح الظلام مهما حاولت تفاديها إلا أنها تبقى عثرة في الطريق إلى النور.. نحن بحاجة إلى ملاقط.. بل وجرافات قوية تزيح عن كاهلنا هذا الحجر، وما من أمة تعيش في النور طالما أصبح الظلام والظلاميون جسداً واحداً لا تستطيع أن تفرق بين قلب الليل وقلب الظلام، فبالتالي فإن الأشياء عندما لا تسمى بأسمائها، تبقى مثل الوردة التي يحاول البعض تشويه مسماها ليؤكد أنه الوحيد صاحب المعجم العقائدي الذي يحق له أن يضيف وعلى الآخر أن يتبعه كما تتبعه نفسه المهزومة.. نحن بحاجة إلى قلوب مثل الوردة.. وإلى عقول تضيء النار بشمس الوعي بعيداً عن «الأفكار المسبقة لأنها مفسدة للعقل»، كما قال فيلسوف العقد الاجتماعي جان جاك روسو.
– الاتحاد