دشّن الرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي مع انطلاق نشاطه الرسمي في قصر قرطاج بتوجيه رسائل مهمة أبرز من خلالها طبيعته توجهات سياساته التي ستطبع المشهد التونسي خلال المرحلة المقبلة، ولعلّ أبرز تلك الرسائل ما يتعلقّ بالخطاب الديني في البلاد، إذ أشرف السبسي في جامع مالك بن أنس بضاحية قرطاج على احتفال رسمي مساء أول من أمس في ذكرى المولد النبوي الشريف، وكان لافتاً استبعاد المفتي الحالي حمدة بن سعيد من الحفل، واستبداله بالمفتي السابق عثمان بطيخ الذي تولى إلقاء المحاضرة.
جدل واسع
وكانت تونس شهدت جدلاً واسعاً حول وظيفة ودور المفتي بعد أن أقال الرئيس السابق المنصف المرزوقي في أبريل 2013 المفتي عثمان بطيخ الذي قال رُجّح آنذاك أن تكون تصريحاته في عديد المناسبات، لاسيّما تلك المتعلقة بالجهاد في سوريا وراء قرار إعفائه من مهامه من قبل الرئاسة.
ففي 19 أبريل 2013 أعلن مفتي تونس عثمان بطيخ أن 16 فتاة تونسية تمّ التغرير بهن وإرسالهن إلى سوريا من أجل «جهاد النكاح»، الذي اعتبره بغاء وفساداً أخلاقياً، مضيفاً أنّ «الأصل في الأشياء أن الفتاة التونسية واعية عفيفة تحافظ على شرفها وتجاهد النفس لكسب العلم والمعرفة».
وقال بطيخ رداً على سؤال بشأن انتقال مئات من الشبان التونسيين إلى سوريا من أجل القتال إن «سوريا ليست أرض جهاد لأن شعبها مسلم والمسلم لا يجاهد ضد المسلم».
إعفاء مفتي
وفي أوائل يونيو 2013، استعمل الرئيس التونسي السابق صلاحياته، حيث قرر إعفاء المفتي بطيخ وتعيين بن سعيد مفتياً للبلاد، وردّ المراقبون القرار في تلك الفترة للانتقادات التي تعرّض لها بطيخ من قبل الجماعات الدينية المتطرّفة وبعض قيادات حركة «النهضة».
وبعد توليه وظيفة مفتي تونس، دخل بن سعيد في مواجهة معلنة مع القوى المدنية والحداثية والتقدمية وخاصة مع البورقيبيين والدستوريين عندما قال في تصريح للقناة التليفزيونية الوطنية الأولى إن «الإرهاب ظهر في تونس منذ أن قام بنزع الحجاب عن المرأة، وأغلق جامع الزيتونة أمام طلبة العلم، وأعقبت هذه التصريحات عملية انتحارية فاشلة كان صاحبها يستهدف تفجير ضريح بورقيبة في مدينة المنستير.
وتؤكد مصادر تونسية قريبة من الرئاسة أن السبسي سيصدر قريباً قراراً بإعفاء المفتي الحالي الذي يعتبر مفتي فترة «الترويكا» وهو من أشد المعادين للرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة الذي يرى فيه السبسي ملهمه الأول.
البيان