عائشة سلطان
لماذا نرسل أبناءنا للمدارس؟ ببساطة ليتعلموا وليكتسبوا من العلم والمعرفة والمهارات ما يؤهلهم لخوض غمار الحياة بمؤهلات جيدة، نحن نجهزهم في المدرسة والجامعة لنعدهم للمستقبل إذن، ما يعني أننا كآباء وكمجتمع نتوقع من المدرسة أن تشجع هؤلاء الطلاب على المبادرة ، وتحفزهم على المخاطرة، وعدم الخوف من ارتكاب الأخطاء أثناء التعلم، فالتجريب وعدم الخوف من الخطأ يفجر طاقات الطالب، لكن الأهم أن يوضع هذا الطالب في البيئة التعليمية والتعلمية التي تلائم مواهبه وقدراته أولاً ليتمكن من التميز، ولتنجح المدرسة في تخريج أشخاص مبدعين فعلاً!
في كتابه «كيف تقتل المدرسة الإبداع» يؤكد كين روبنسون أن التربية والتعليم ليست بحاجة إلى إصلاح فقط ،بل إلى تغيير جذري ليس في دولة معينة، ولكن في كل العالم ، ومفتاح التغيير ليس في تنميط التعليم، بمعنى تخريج نسخ كربونية من الطلاب المتحصلين على ذات الخبرات والمعلومات التي سرعان ما يرمونها خلف ظهورهم حين ينغمسون في زحام العمل والحياة، التغيير الناجح يكمن في تخصيص التعليم وتفصيله على قدر كل طالب، وبناء أسس وقواعد الإنجاز بعد اكتشاف موهبة كل طفل، ووضع كل الطلاب وكل المتعلمين في بيئات تَعلُّم تمكنهم من استثمار قدراتهم ودوافعهم ورغباتهم.
ماذا تفعل مدارسنا اليوم باتجاه تربية الإبداع والإنجاز واكتشاف الفروقات والمواهب؟ إنها تجتهد وبكل قوتها لإنجاز مهمة القولبة! نعم المدارس تقولب الطلاب بطريقة عكسية، تضعهم جميعا في القالب نفسه، ومن لا يناسبه القالب عليه، إما أن يترك المدرسة، أو أن يحشر نفسه فيها بالقوة ليتلاءم مع المناهج والكتب والمعلمين ووقت الدوام وحجم الحافلة ولون الزي المدرسي…!
ماذا لو قامت المدرسة بعكس ما تقوم به الآن، فتكيف وتطور كل هذه المعطيات (المعلم، المناهج، الكتب، الأنشطة، الدوام، ال… ) لتلائم احتياجات ودوافع وقدرات الطلاب، فتعيد للمدرسة دورها الحقيقي؟
إن أغلب الطلاب اليوم لا يرغبون في الذهاب إلى المدرسة ويتحينون الفرص للتغيب، ولا يحملون ذلك التقدير العالي الذي نحاول زرعه في داخلهم للعلم والمعلم الذي ما عاد رسولا كما كنا نعامله يوم كنا في مثل سنهم، صغار اليوم يجاهرون بذلك من دون خوف، لأن كل شيء تغير في مصلحة التعبير عن الرأي، وفي مصلحة حق المعرفة، إلا منظومة التعليم، فهي باقية على حالها!!
– الاتحاد